دائماً ما أتساءل كيف لأبوين أميين أن يربيا أبناءهما أفضل تربية وهم لم يقرآ ولو سطراً واحداً عن التربية؟ بينما يجد آباء العصر الحديث صعوبة شديدة في التربية على الرغم من وصول الكثير منهم لدرجات علمية عالية وتعدد شهاداتهم، إضافة لحضورهم محاضرات لمتخصصين في التربية وقراءة بعضهم للكثير والكثير من الكتب المتخصصة في التربية الحديثة! من المعروف أن التربية قديماً كانت مقتصرة على الأسرة كمصدر أساسي لتعليم المبادئ والقيم، ثم يأتي بعدها المجتمع والمدرسة، كان المجتمع ككل مسؤولاً عن تربية الأجيال الجديدة، يتشارك نفس القيم والمبادئ والتي غالباً ما كانت تنتقل من جيل إلى جيل. ولمسجد الحي والمنبر الإسلامي السوي دور كبير في ذلك.
أما المدرسة فلم تكن فقط مكاناً لتعليم العلم والمعرفة، بل كانت مؤسسة تربوية بامتياز، تعزز القيم الإنسانية، الاجتماعية والأخلاقية، بينما تلعب وسائل الإعلام في زمننا الحالي، مثل التلفزيون والإنترنت وما تقدمه من محتوى يتنافى وقيمنا العربية والإسلامية، دوراً كبيراً في تشكيل شخصية الطفل وأفكاره، مع انشغال الأهل وتزايد استخدام التكنولوجيا وتعرض الطفل للكثير من الأفكار والقيم المتباينة بين ما يتعلمه في المنزل مع الأسرة وما يتعرض له من العالم الخارجي، والتي تخلق لديه إرباكاً وحيرة يؤديان لتخبطه لاحق في الحياة، لقد نجح الآباء والأمهات قديماً في تربية أطفالهم بفضل التركيز على القيم الأساسية، التجارب الحياتية والتواصل الفعال، أما التربية في العصر الحالي، فتواجه تحديات كبيرة تتعلق بالتكنولوجيا، الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، إضافة للانعزال وقلة التواصل والتفاعل الاجتماعي، وأقوى وأكبر فرق بين التربيتين في الماضي والحاضر أن كثيراً من آباء الزمن الحديث لا صبر لديهم، يريدون نتائج فورية تتناسب وعصر السرعة الذي نعيشه.
أما قديماً، فكانت تربية الآباء لأبنائهم قائمة على الصبر، الاستمرارية، الإيمان بالله واليقين أن بذرهم سينتج ثماراً طيبة ولو بعد حين.
@Waseema