جاء عدم استيعابهم التغيير يحمل التحذير، كانوا شبابا متقد الحماس سليم النية، ظهر من استغل صدق تساؤلاتهم المنطقية وخوفهم المشروع. جعلتهم الأيادي الخفية يركبون موجات وتوجهات مناهضة للتغيير، تم استغلال شهامتهم، ونخوتهم، ومرجلتهم، وغيرتهم، وصدقهم، تم توجيههم نحو مسارات غيبية لتحقيق تغيير من نوع آخر هادم.
أقنعوهم أن التغيير الحضاري يعني انفلات ضد ما اسموه «الثوابت» و»الخصوصية»، أيضا يعمل ضد القيم الإسلامية، سعوا لمحاربة حياة الرفاهية الجديدة، وقد عاشوا لقرون تحت حصار حياة الرمق الأخير ومعطياته، تبنوا الدفاع عن قيم منغلقة بوسائل التقشف، والتجمعات الدينية الموجهة، وخطبها التي تعظم التفسيرات المغلوطة لنصوص دينية إسلامية تعمدوا توجيهها عنوة لخدمة أهداف مريضة. ولاستقطاب النفوس الطيبة والصادقة.
رفعوا الشعارات التي تعتمد على أن ما عند الله هو الأفضل والأبقى. عملوا على توجيه قناعات الناس نحو التزمت والقشور، أدخلوا رعب الموت كأداة ووسيلة، هددوا الناس بالموت الذي يعرف الجميع أنه حق، ثم صوروا للناس رهبة ظلمة القبر وحسابه العسير كمقدمة لحساب أكبر سيواجهون، جعلوا الحياة مقر حساب قبل الآخرة. جعلوا الموت شؤما يفر الناس منه، أصبح هناك من يهدد الناس بالموت.
أسسوا فكرا يهدد الخلق بالخالق. لماذا هذا التهديد الذي صوروه لعذاب قبر يدعون؟ كأنهم عاشوا أحداثه، وضعوا أنفسهم شهودا عليه، يصورونه أفلام الرعب حتى أصبحت الناس في تشاؤم من الحديث وذكر الموت. أصبح عند هذا التيار المريض نوعين من العلماء، علماء دين وعلماء دنيا، الناجون هم علماء الدين وأتباعهم -يقصدون أنفسهم، رفعوا شعارات حتى على أنفسهم وأهليهم.
ماذا عن أنواع الموت الأخرى؟ لماذا حجبوا الحديث عنها؟ عاشوا موت الجهل، عظموا موت الفقر بسلاح القناعة، شجعوا موت المرض بالاتكال على الله دون الأخذ بالأسباب، وصفوا كل من يدخل ابنته كلية الطب بأقذر الأوصاف. وصفوا كل من يضع صحن استقبال على سطح بيته بأنه «......»، وصلوا لقناعة أن شخصا واحدا منهم يمكن أن يهزم جيش بأكمله، عظموا الكرامات كهبات وهدايا لاستمالة أهل النفوس الطيبة.
تقول العرب: الإنسان عدو ما يجهل، وتقول: اللي ما يعرف الصقر يشويه، اكتشف الجميع أنه لا عذر لتصرفاتهم، العقول كانت متيبسة، بعضها يحتاج لعشرات السنين لاستيعاب طفرة اختصرت قرون عديدة في سنوات معدودة. جاء من استغل صراع التغيير الحضاري، في هذا الصراع توظيف قدرات العقل لصالح التغيير منفعة، وحبس العقل وإطفاء طاقاته مهلكة.
ننعت تلك المرحلة بالصحوة. وهي أن تنام على شيء ثم تصحوا على شيء آخر جديد، معها تحاول العقول العدائية استغلال طيبة الناس وصفاء نياتهم. ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH