وبصفة عامة فإن الصناديق الاستثمارية السيادية تعتمد على فائض الميزانية الحكومية والتي لا يرغب في بقائها في وزارة المالية أو البنوك المركزية لأنها تساهم في ارتفاع معدل التضخم ولا يستفاد منها في زيادة الثروة الوطنية. لذا، ترى الحكومات استثمارها بشكل فاعل في صناديق سيادية بما يعود على البلاد بالفائدة، ويرى الاقتصاديون أن أفضل وسيلة مناسبة لاستثمار الفائض المالي من النفط في المملكة يكون من خلال الصناديق الاستثمارية السيادية التي تديرها الدولة ما يساعدها على تنويع مصادر الاستثمار والدخل الوطني، خاصة في الدول التي يتذبذب دخلها بسبب تذبذب سعر المواد الخام مثل النفط الذي صعد في عام 2007م إلى مستوى فوق 100 دولار أمريكي ثم تراجع إلى مستويات اقتربت من 30 دولار للبرميل خلال الأزمة الاقتصادية العالمية التي استمر تأثيرها من 2008 الى 2010م.
الحقيقة، لفتت صناديق الثروة السيادية انتباه واهتمام الخبراء والقادة السياسيين والاقتصاديين في منتدى دافوس العالمي منذ وقت طويل، حيث ركز المتخصصون في محاور المنتدى ونقاشاته على هذه الصناديق لما لها من أهمية كبيرة في الاقتصاد العالمي، ناهيك عن الشكوك في أهدافها والتي تثير مخاوف الولايات المتحدة وبعض الدول الصناعية المتقدمة، ولقد أصدرت الحكومة الأمريكية تشريعات تهدف إلى حماية الأمن القومي الأمريكي من المخاطر المحتملة للصناديق السيادية العالمية، وذلك حتى لا تفقد السيطرة الاقتصادية والسياسية، ويعد تشريع اكسون-فلوريو «Exon-Florio» من التشريعات المعدلة الهادفة لحماية الأمن الاقتصادي الأمريكي من السيطرة الأجنبية، حيث استخدمه بعض أعضاء الكونجرس ضد هيئة موانئ دبي لمنعها من عقد تدير بموجبه بعض الموانئ الأمريكية بحجة تهديد الأمن القومي الأمريكي، وهنا أشدد على أهمية فهم إدارة الصناديق السيادية للصيغ القانونية التي تستغل ضدها.
سيكون لصناديق الثروة السيادية دور قوي في نمو اقتصادات دولها في المدى البعيد، لقد زاد هذا التوجه الاستراتيجي من اهتمام بعض الدول بالاستثمار في هذه الصناديق العابرة للقارات، لكن يجب الانتباه للنواحي القانونية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر فيها.
@dr_abdulwahhab