المادة ٨٣ من نظام العمل السعودي تمثل حماية أساسية لصاحب العمل وتعزز الأمان القانوني للأعمال التجارية، حيث تنص على الحق لصاحب العمل في فرض شرط يمنع العامل من منافسته «بشكل مطلق وليس مقيد»، بعد انتهاء العلاقة العمالية بينهم أو من كشف أسرار العمل، وهذا النوع من التدابير يعتبر أساسياً للحفاظ على سرية المعلومات والمصلحة التجارية لصاحب العمل، وحتى يكون لدينا سوق عمل صحي وتنافسي من المهم أن يتم تطوير هذه المادة وتفسيرها بشكل دقيق، وتحديد مستوى العقوبات التي يتم تطبيقها على من يخالفها، وليس العكس بتعطيلها.
نقطة الخلاف ما بين أطراف الإنتاج في سوق العمل بالمملكة تتمحور حول معنى المنافسة والذي أتى شرطها «جوازاً» وليس «إجباراً»، بمعنى أن النظام أعطى الحق لصاحب العمل اشتراطه في العقد أو تركه، وفي حال اشتراطه والاتفاق عليه فيكون ملزماً للطرفين ويجب التقيد به، وأي تفسيرات او اجتهادات لغير ذلك فهي مضيعة للوقت.
حتى تتضح الصورة بشكل أوسع لمفهوم المنافسة، سأستند بثلاثة استشهادات واقعية من سوق العمل، وبغض النظر عن أي مقارنات مع أسواق عمل أخرى لا ترتقي لمستوى سوق العمل بالمملكة، وتختلف في تركيبتها الكاملة عن سوق العمل في المملكة، حيث ان الاستنساخ «لا يعني نجاح التوجه» وهذا الأمر يدركه قادة وزارة الموارد البشرية بشكل واضح، حيث تميزوا في تطبيق عدة مبادرات متنوعة وفريدة من نوعها تماشياً مع تطورات الاقتصاد السعودي.
أول تلك الاستشهادات أن وزارة الموارد البشرية كانت تطبق شرط المنافسة وفقاً لنظام العمل من خلال مكاتب العمل بالشكل الصحيح المنصوص عليه في النظام، مما ساهم في تعزيز بيئة عمل منظمة ومستقرة تعود بالفائدة على جميع أطراف سوق العمل، وبدون اي اجتهادات تفسيرية معقدة لا تمت لسوق عمل يُنظر له كأفضل سوق عمل بالمنطقة من ناحية التطورات.
ثانياً؛ الوزارة سبق وأن أعلنت عند إطلاق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، من خلال وكيل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لسياسات العمل، إن الوزارة تعمل حالياً على مراجعة وحوكمة المادة 83 من نظام العمل لتتوافق مع قرار مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، وأن ذلك يأتي للحيلولة دون الاستغلال السيئ للمادة بعد السماح بانتقال العامل الوافد إلى صاحب عمل جديد، ولضمان عدم انتقال أسرار المنشآت وما حصلت عليه من امتيازات وأسرار بعض الأعمال لمنشآت أخرى قد تستغلها للإضرار بالمنشأة التي انتقل منها العامل.
ثالثاً؛ الوزارة أعلنت عن تعديلات في نظام العمل السعودي بعد مراجعته ليتواكب مع التطورات الحاصلة في سوق العمل، ولو كان المقصود في لفظ المنافسة هو «منافسة صاحب العمل بفتح مشروع فقط»، لتم توضيح ذلك في التعديلات، وهذا اثبات على أن النظام أتى في لفظ المنافسة بشكل مطلق.
ختاماً؛ كوجهة نظر شخصية أرى أن وكالة السياسات لسوق العمل في وزارة الموارد البشرية أمام تحدي لإعادة تطبيق المادة وفقاً لمسارها الواضح خلال الفترة الحالية المهمة حتى لا يتدهور سوق العمل، ومن المهم أن تدرك الوكالة أن حماية سوق العمل وتطبيق النظام هو ما ينظر له أصحاب العمل لتعزيز الثقة، وأي اجتهادات لا تمت لواقع المنافسة المطلقة فهو عكس توجهات الاقتصاد السعودي في ترقية سوق العمل لجعله سوق مميز وتنافسي.
@Khaled_Bn_Moh