إذا تمكن الإنسان من سماع الترددات المنخفضة جداً، مثل الأصوات التي تصدرها الأرض نفسها أو أمواج المحيط العميقة، فسنكون قادرين على التفاعل مع الطبيعة بشكل أعمق وسيكون بمقدورنا سماع دقات الأرض، كما لو كانت كائناً حياً، ينبض بتردداته الخاصة، تصوروا أن بإمكاننا سماع أصوات المحيطات العميقة، أو حتى نشاطات جيولوجية صغيرة تحدث تحت أقدامنا، وسنكون قادرين على الاستعداد بشكل أفضل للكوارث الطبيعية عبر الاستماع المبكر لتلك الأصوات المنذرة بالزلازل أو الثورات البركانية، أما إذا امتد سمع الإنسان ليشمل الأصوات فوق 20,000 هرتز، فإننا سنبدأ بسماع أصوات لم نكن نعلم بوجودها مثل الموجات فوق الصوتية أو الألتراسونيك، وهي الترددات التي تستخدمها بعض الكائنات مثل الخفافيش والحشرات للتواصل والتنقل في الظلام، ماذا لو كان بإمكاننا سماع تلك الأصوات؟ سنجد أنفسنا وسط عالم من الإشارات الصوتية الخفية التي كانت غير مرئية لنا وقد يصبح بإمكاننا سماع الآلات الإلكترونية من حولنا وهي تصدر ذبذباتها الخاصة، أو التقاط أصوات صغيرة تصدرها المخلوقات الدقيقة وربما نتمكن من التواصل مع الطبيعة بشكل لم يسبق له مثيل.
لكن هل نحن مستعدون لتحمل هذا الكم من الأصوات؟ ربما يتحول هذا التطور إلى تحدٍ نفسي، الأصوات التي لا نسمعها الآن قد تصبح ضجيجاً يومياً لا يُحتمل، كيف سيتحمل الإنسان عالماً مشحوناً بكل هذه الأصوات المتداخلة؟
الطبيعة لن تعود صامتة كما كانت، بل ستصبح كائناً ناطقاً يتحدث باستمرار، مما يمنحنا فهماً جديداً للقوى الكونية التي تحيط بنا، وقد نكتشف أن الصمت ليس إلا وهماً، كلما توسع نطاق سمع الإنسان، سنجد أن هناك أصواتاً دائمة في الخلفية، سواء كانت أصوات الكواكب في الفضاء، أو حتى إشارات دقيقة تنتجها الأشياء التي تحيط بنا.
@malarab1