«القاموس» وهَرَج القومُ يَهْرِجُون في الحديث إِذا أَفْضَوا به فأَكثروا، وللكلمة معان أخرى.
العاقل الواعي لا يعتمد على القيل والقال وما سمعه من فلان وفلان ليحكم على شخص أو موضوع معين، فالقيل والقال وكثرة نقل الكلام مدعاة للخطأ وعدم الدقة
ورجلٌ مِشْيَاعٌ: كمِذْياعٍ.. زِنَةً ومعنًى
وبوجود التقنية أصبح كل حدث شائعا في الناس، معناه قد اتَّصَلَ بكل أَحد فاستوى علم الناس به ولم يكن علمه عند بعضهم دون بعض. فلا الناقل يحظى بالميزة ولا المستمع يجد الحماس وانتقل مع العصر الرقمي هرج المجالس وإشاعات البيوت إلى الآيباد وصرنا نستقبل «هرجا ما له ثْمره» عبر هواتفنا، وأزعم أن هذا قلل زيارتنا لديوانيات الصحاب التي كنا نحرص على وجودنا فيها، لأننا كنا نبحث عن «علوم» جديدة من اللي «يجيبون العلْم». وكنا نبحث عن كل جديد في محيطنا الإداري والاقتصادي والاجتماعي.
وتحضرني كلمة «الروّاية» وعندنا في عنيزة هي المرأة التي تُزوّد المنازل بمياه الشرب والطبخ، تجلبه بواسطة قرْبة تحملها على ظهرها وتُفرغُهُ في قِربٍ أو أوان يعدّها أهل المنزل، لقاء أجر شهريّ أو سنوي أو غير ذلك من مكافآت. تلك المرأة مهيأة لسماع أخبار أهل المنزل ومن ثم نقل ما سمعتْ إلى الزميلات قرب البئر اللاتي يرتوين منها يقولون: «يْرَوّنْ»، والأخريات يسرهن سماع ما جدّ من أخبار الأسر ونقله إلى الأسر الأخرى وهكذا ما أن ينتهي يوم إلا وكانت أخبار نصف البلد عند النصف الآخر.
وكلمة روّى فصيحة، رَوِيَ من الماء، بالكسر، ومن اللَّبَن يَرْوَى رَيّاً ورِوىً أَيضاً مثل رِضاً وتَرَوَّى وارْتَوَى كله بمعنى، والاسم الرِّيُّ أَيضاً
وتويتر الحالي مثل «الروّايات» يتداول أخبار الأحداث بسرعة البرق، لكن جزءا كبيرا منها غير صحيح، والقصد منه هو جعل المرسل ابن جلا بين أقرانه، ونصيحتي للمُسْتقْبِل أن لا يُعيد الإرسال، لأن مصداقية الأخير ستكون موضع شك وتساؤل.
والخبر المنقول بواسطة الرّوّايات قديما لا يلقى الكثير من الثقة والمصداقية حتى أن الناس كانوا يُطلقون على الأخبار المشكوك في صحتها «هرْج روّايات».
@A_Althukair