والصين كما كنا نعرفها إبان فترة الثمانينيات والتسعينيات الميلادية أنها دولة متأخرة فقيرة بأسباب توجهها الشيوعي وكنا ممنوعين من زيارتها، ولديها كدولة أنياب الطاقة النووية وهي عضو في مجلس الأمن. كذلك أن أعداد سكانها كبيرة ويلجأ سكانها لوأد البنات للحد من التوسع السكاني بعد تجريم الدولة للأسر التي لديها أكثر من طفل واحد. وما كنا نعرف عنها أيضا أنها ليست دولة مصدرة للبضائع ولا تملك القدرة على التصنيع، وأول ما سمعنا عن توجهها الصناعي كان من توجه اليابان بأن تصنع في الصين سيارات لخلوها منها واعتماد الأهالي للتنقل على السياكل بالعموم، وها نحن اليوم بعد مضي أكثر من ثلاث عقود وكأن كائنا لم يكن ونحن أمام دولة أخرى. هذا ما كنت اعرف لكن دعوني أحدثكم عن رحلتي ومشاهدي وانطباعاتي عنها.
كعادة أهل المنطقة الشرقية للرحلات الدولية تبدأ بالبحث عن رحلات عن طريق مطار البحرين أو الدوحة أو دبي أو أبو ظبي، ومما استغربناه أن الأسعار للتذاكر تغيرت ارتفاعا لكل الناقلين الجويين ما إن قرب موعد المعرض بمدينة كوانجو «معرض كانتون» الذي يعتبر أكبر معرض تجاري في العالم وهو مقصدنا بالزيارة.
استغرقت الرحلة إلى مطار كوانجو قرابة الثمان ساعات وعند الوصول وبالرغم من مظهر المطار البدائي كان مرتبا والاستقبال كان جيدا، وعن كوانجو هي تعتبر إحدى أبرز المدن في الصين وتقع في جنوبها وتُعد مركزاً تجارياً وثقافياً هاماً ولها تاريخ طويل يمتد لأكثر من ألفي عام، ومن الناحية التاريخية، كانت كوانجو جزء من طريق الحرير البحري، مما جعلها نقطة اتصال بين الشرق والغرب. الأمر الذي لمسناه من خلال الزيارة.
كان أول يوم لنا يوم راحة قضيناه بالتعرف على المدينة، فأخذنا سائق تاكسي من الفندق بعد توصية مما يسمى بالكونسيرج الذي أوصلنا إلى منطقة بها مباني من عدة أدوار جاءت جل بضاعتها الأحجار الكريمة والذهب واللؤلؤ، وما أثار دهشتنا أننا لم نرى مشاهد لرجال الأمن مما أعطانا ثقة بأمان المكان ومن قلة الجريمة وحزم السلطات، فالمبنى متعدد الأدوار الذي زرناه تتعدى بضائعهم المعروضة مبلغ حسب تقديراتنا بأكثر من مائة مليون دولار على الأقل.
ومن ملاحظاتنا، صعوبة التواصل مع العالم الخارجي وضعف شبكات الاتصالات في تلك الجهات، فلم تصلنا رسائل للاشتراك بباقات إلا متأخرة وليس فور وصولنا كما اعتدنا. كذلك من استهلاك الرصيد للهاتف بفواتير لاستعمال وسائل التواصل لساعات خلال يومنا الاول، ولم نتمكن من معرفة الباقات المعروضة للصين للاشتراك بها ثم أوقفت الخدمة، وهي ما يجب الالتفات له لأي زائر الى الصين، وما كان علينا أن نفعله أن نأخذ شريحة بالمطار برقم محلي إلا أن كان هو الآخر به مشكلة أخرى، فالصين تمنع وسائل التواصل عبر الواتساب وتمنع أيضا شركة جوجل وبريدها وفيسبوك وكل ما نعرف هنا من شبكات التواصل فالأرقام المحلية هي ليست ذات جدوى للاستخدام إلا بالتواصل المحلي وليس الدولي أو عبر الإنترنت وهم بالإضافة لا يتحدون أية لغة أجنبية.
وما علمناه من الصينيين أنهم يستخدمون برامج فتح الشبكات «بروكسي» للتواصل مع الخارج. وحتى ذاك من الأشكال بالشبكة المحلية للإنترنت فتفتح الصفحة وتظهر لك شاشة كلها بالصيني وليس بها أية وسيلة للترجمة لأية لغة أخرى، ومن تجربتنا باليوم الأول أن كانت مخيبة للآمال فليست هي دولة سياحية، فلا هم يتحدثون الإنجليزية أو بعضا منها وكان الجميع يستخدم برامج ترجمة عبر الهاتف للتواصل. وليس هناك أية إرشاد واضح للسياحة أو وجهاتها، وأتوقف هنا ولعلي استكمل المشاهد والانطباعات بمقالات أخرى.
@SaudAlgosaibi