ساعات الحياة الضائعة تزيدها كثيراً لحظات العتاب، وكأننا لا نستطيع أن "نمشّي" الدنيا إلا بقول كلمتين عن الخاطر، علماً أن بعضها في وضعية "ابدأ الهجوم ليكون الحق معي!" وفي حقيقة الأمر تكون النفوس راضية، والعتاب لا يتعدا كونه من العادات والتقاليد ليس إلا.
"وين الناس!" سؤال بدأت اجيبه بإعادة نفس السؤال إلى سائلة، حتى يتفكر قليلاً بأن سؤاله لا يطرح، إن كان ذات الشخص "قاطع" أو بالأصح منشغل في أمور حياته؛ فإن رأيت أو احسست بتقصيري اتجاهك، فبادر بالوصل؛ وأحسن الظن طالما مساراتنا لم تفترق، وكن أنت أفضل من يصل.
كثرة العتاب تسطّح العلاقة، حتى تصل إلى قطعها، فالنفوس لم تعد كسابق عهدها تستقبل وتضع ما يفيض أو لا يليق في المهملات، بل أصبح الناس يحاولون تحاشي المدققين، واللامراعين، ومضيعين الوقت بأسئلة العتاب، عوضاً عن اسئلة الحال المطمئنة، فإن كنت مهتماً فأعد صياغة اهتمامك.
لا أنكر أن في بعض المعاتبين محبةً صادقة، تُسيِّر كلماته دون تنسيق، ولكن لا أحد يحب أن يكون في دائرة المخطئ، لذلك سيتحاشاك، حتى لو لم ترغب بذلك؛ فمن الأساس انتق مفرداتك التي تبين اهتمامك، دون رمي التقصير على الآخر، فلن تجد منه إلا أن عاد إلى التواصل خصوصاً إن الحياة احياناً تنسينا أنفسنا.
هل سنصل في يومٍ ما إلى الحياة السطحية مع الجميع! أم معيار الاختيارات هي التي ستفرض قوانينها عن سابق العهد من الآن إلى المستقبل.
نشاهد أو نسمع عن حالات كثيرة تحولت من صداقة إلى عداوة، وبعضها وصل إلى حالة إلغاءها بالكامل فلا تاريخ لها ولا وجود؛ وبعضها وصلت إلى هذه الحالة من تراكمات ناعمة لم يكن لمفردها تأثير، ولكن تجميعها مع بعضها أطاحت بهم.
صحيح أن بعض من الناس في الوقت الحالي يستمتع بالمشكلات التي لا تخصه، من باب المحتوى لحياته الفعلية، أو الرقمية إن كان رائداً في استخدامها؛ ويتابع تطوراتها وإلى ماذا ستصل، واخص هنا المشكلات المعلنة أو ما اشتهر عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛ والتي ستصل في نهاية الأمر إلى سلبية لأحد أطرافها إن لم يكن للإثنين معاً، ولكن عندما تصل المشكلة إلينا يختلف التعاطي معها وتقبل معرفة الناس بها؛ رغم أن القليل منهم يهوى جدليات إعلانها؛ ولكونه امراً شخصياً، قد يقطع العلاقة! فاحذر من "وين الناس؟" قد تكن سبباً في ابتعاد الناس عنك.