الظلم ظلمات، ودعوات المظلومين مخيفة، ولذلك لابد من الحذر.
عندما نقرأ سيرة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم نجد موقفاً من مواقف تعرض فيها لتعد ظالم، وممن؟ من أقرب الناس إليه، وما ذنبه صلى الله عليه وآله وسلم؟ إلا السعي لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فكانت دعوة ومن ثم وبال على أصحابها.
هذا الموقف الذي يحوي أسوأ الطبائع البشرية عندما تنحرف عن الفطرة الإنسانية رواه الإمام البخاري عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس؛ إذ قال بعضهم لبعض : أيكم يجيء بسَلاَ جَزُور بني فلان فيضعه على ظهر محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم "وهو عقبة بن أبي معيط" فجاء به فنظر، حتى إذا سجد النبي – صلى الله عليه وسلم- وضع على ظهره بين كتفيه، وأنا أنظر، لا أغنى شيئًا، لو كانت لي منعة، قال: فجعلوا يضحكون، ويحيل بعضهم على بعضهم "أي يتمايل بعضهم على بعض مرحاً وبطراً" ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، لا يرفع رأسه، حتى جاءته فاطمة، فطرحته عن ظهره، فرفع رأسه، ثم قال: "اللهم عليك بقريش" ثلاث مرات، فشق ذلك عليهم إذ دعا عليهم، قال : وكانوا يرون أن الدعوة في ذلك البلد مستجابة، ثم سمى صلى الله عليه وسلم: "اللّهم عليك بأبي جهل، وعليك بعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط" ـ وعد السابع فلم نحفظه ـ فوالذي نفسى بيده لقد رأيت الذين عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صرعى في القَلِيب، قليب بدر.
اتق دعوة من ظلمته كائناً من كان، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.