تأييد غير مسبوق لترامب من هاتين الفئتين قادتاه للفوز وفق طموحهما في التغيير، فأصحاب الأعمال الذين ضاقت بهم السبل في عهد الرئيس بايدن، وتدهور الاقتصاد وانعكاسه على مشاريعهم، عاصروا الفارق بين العهدين، فحشدوا اصواتهم وتبرعاتهم لينجح صاحبهم رجل الأعمال، ووفق تعهدات عهدوا بها إليه بهمومهم والتحديات، بلورها كعهود انتخابية، أما الشباب الأمريكي الذي بات أكثر وعي واستقلالية من الأجيال القديمة، والرافض للسياسات الخارجية لبلاده في الحروب والتسليح والانفاق، بالإضافة الى أزمة التضخم ومعالجتها الخاطئة ورفع نسب الفائدة بصورة قياسية، وما نتج عنه من ارتفاع الأسعار، وتنامي نسب البطالة في سوق العمل، وإيقاف المعونات الاجتماعية، وتذمرهم من جودة ومستوى الخدمات، يتحدثون عنها في محافلهم الشبابية، التي التفت إليها ترامب وتوجه إليهم، مما جعله الأقرب لطموحهم، فصار يحمل همومهم وشعارات الانضباط والولاء الوطني كالأب الأمريكي.
إن إعادة انتخاب ترامب، تبرهن على أن السياسة تنهزم أمام الاقتصاد بقيادة العقول الشابة وأصحاب الأعمال المتسيدين للحقبة الآنية، وهذه كلمة السر للسلام والرخاء والرفاهية التي يفتقدها حتى شعب أكبر اقتصاد عالمي وهم الأمريكان، لذا وفي خطوة تشبه خطط رؤيتنا الاقتصادية المستقبلية، جعلت الرئيس الجديد يترجم مصداقية وعوده الاقتصادية بتعيينات حكومية لرجال أعمال بارزين ليرسموا خارطة الدولة لأربع سنوات قادمة سيكرس فيها الرئيس ورجل الأعمال الأمريكي كل قوته لأنها ما تبقى له من حكم يستبدل فيها الحروب بمد اليد، ليعيد أمريكا كما يذكر في كل محفل «الدولة العظمى» من جديد. ولا يمكنها ذلك إلا باقتصاد قوي ولا يقوى الاقتصاد بالحروب والدمار والاستنزاف. لذا، فإنه لا يرى روسيا الغريم التقليدي لأمريكا هو العدو، بل الصين التي تسعى لتكون مستقبل الاقتصاد العالمي وتهدد القوة العظمى، ذلك لأنه كاقتصادي يعمل في السوق، يدرك حقيقة أن الصين تعمل بصمت وكل الحروب المنشغلة بها أمريكا اليوم جعلتها تتراجع وتترك الاسواق للصين تهيمن عليها بما في ذلك السوق الأمريكي الذي لم تغزوه فحسب بل استعمرته، لدرجة جعلت التجار الأمريكان يتخوفون من توعد ترامب بفرض رسوم على المنتجات الصينية تصل الى 60%.
وحتى ابتكاره لوزارة «الكفاءة» التي عهد بها لرجلي أعمال بارزين، اعتبرها بمثابة رؤية تصحيحه للوضع وبحسب تصريحه فالوزارة الجديدة «لتفكيك البيروقراطية الحكومية، وتقليص اللوائح الزائدة، وخفض النفقات غير الضرورية، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية» وفق آلية الإصلاح وذلك بـتقديم المشورة والتوجيه من خارج الحكومة.
وعليه، فالعهد القادم لأمريكا سيغير اقتصاد العالم وفق تقرير صادر قبل أيام لوكالة فيتش، والتي تتوقع عودة الحمائية والحد من التحويلات المالية، وزيادة الرسوم الجمركية والتركيز على صادرات «المكسيك وكندا والصين وفيتنام وكوريا الجنوبية» الأسواق الصاعدة على حساب السوق الأمريكي.
@hana_maki00