بالعودة للتعديلات التي تم اعتمادها على عدد من مواد نظام العمل، والتي سيتم البدء بالعمل فيها خلال ما يقارب الثلاثة أشهر، نجد أن التعديلات تهدف إلى خلق بيئة عمل أكثر جاذبية للعاملين، وتتوافق مع استراتيجية سوق العمل، وتتضمن أيضاً توفير الحماية المتوازنة لطرفي سوق العمل «العامل وصاحب العمل» دون أي حماية مُفرطة لطرف على الآخر، فتنظيم العلاقة العمالية بين العامل وصاحب العمل له دور كبير في تحسين العديد من مؤشرات سوق العمل، وتضمنت التعديلات التي اقترحتها وزارة الموارد البشرية في اللائحة التنفيذية لنظام العمل في منصة «استطلاع» على عدة مستهدفات، منها ما يهدف لاستقرار العلاقة التعاقدية وكذلك توفية بيئة عمل تنافسية، وأيضاً ما يهدف لدعم أصحاب العمل لتدريب وتأهيل عامليهم، و أضافت بعض المواد التي لم يتم الموافقة على تعديلها في نظام العمل مؤخراً.
التعديل المُلفت كان في المادة «٢١» مكرر، والمرتبط بالمادة ٨٣ من نظام العمل والتي تعتبر بالوقت الحالي أهم مادة في ظل تطور الاستثمارات المبنية على البيانات والأسرار، حيث اقترحت الوزارة على إضافة نص في اللائحة التنفيذية كالتالي «في تنفيذ أحكام المادة ٨٣ من النظام، يقصد بالمنافسة الواردة في الفقرة «١» من المادة أن يؤسس العامل بعد انتهاء العقد أي نشاط مماثل لنشاط صاحب العمل أو يشارك في تأسيسه».
تعليقاً على هذا المقترح؛ وكالة سياسات سوق العمل في وزارة الموارد البشرية لم تراعي التطورات الحاصلة في سوق العمل والجهود التي عملت عليها الوزارة من خلال الإصلاحات الإيجابية التي تم تطبيقها منذ الإعلان عن رؤية المملكة، إضافة إلى أنها لم تفرق ما بين نظام العمل ونظام وزارتي الاستثمار والتجارة، فالمنافسة المقصودة في نظام العمل واضحة بأنها أوسع وأشمل من أن تحصر في صورة تأسيس نشاط مماثل لصاحب العمل، ولا يجوز قصر دلالة المادة على صورة المنافسة بإنشاء كيان منافس دون غيرها من الصور الواضحة والتي تضر بصاحب العمل، وذلك لأن قصر دلالة النص مخالف للنظام العام، والضرر الأشد والأكبر والذي بسببه تم ادراج مادة المنافسة وحماية الأسرار في نظام العمل هو عمل العامل لدى جهة منافسة مما يؤدي إلى «عدم تمكن صاحب العمل من حماية مصالحه المشروعة»، حيث أن «معرفة العامل لعملاء صاحب العمل» وسعي العامل للاستفادة من العملاء بنقلهم لجهة منافسة هي الأساس الذي لا غبار عليه في تفسير مفهوم المنافسة في المادة.
نظام العمل يختص في تنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل وليس بين المنشآت بعضهم البعض، مما يؤكد أن مفهوم المنافسة في نظام العمل متحققة بعمل العامل لدى جهة عمل أخرى تنافس صاحب العمل، ولذلك على وكالة سياسات سوق العمل في وزارة الموارد البشرية أن تراعي عدة نقاط في أي دراسات ومقارنات لها مع أسواق عمل أخرى، ومنها على سبيل المثال «توزيع العمالة في الاقتصاد، قيود الاستثمار الأجنبي، سياسات سوق العمل التي تحمي العامل وصاحب العمل، توجهات جذب الاستثمارات العالمية، سياسات حماية البيانات الشخصية».
ختاماً؛ وزارة الموارد البشرية عملت على اجراء نقلات نوعية مميزة خلال السنوات السابقة، ولذلك أتمنى من وكالة سياسات سوق العمل أن تراجع هذا المقترح والذي يعاكس التوجهات ويتسبب في العديد من الإشكاليات بسوق العمل.
@Khaled_Bn_Moh