تشير الدراسات إلى أن الرجال يعانون من مشاكل نفسية بشكل متزايد، حيث يُقدر أن 12% من الرجال في العالم يعانون من الاكتئاب، بينما يعاني حوالي 9% منهم من القلق، إضافة إلى ذلك، تمثل معدلات الانتحار بين الرجال ما يقارب 75% من الحالات العالمية، وهو ما يعكس إهمالًا لاحتياجاتهم النفسية.
من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا بين الرجال هي الاكتئاب والقلق، حيث يُعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية انتشارًا بين الرجال، لكنه غالبًا ما يظل غير مكتشف بسبب تقاليد المجتمع التي تحظر الرجال من التحدث عن مشاعرهم، كما أن اضطراب القلق العام، والاضطرابات المتعلقة بالتوتر، مثل اضطراب ما بعد الصدمة، تؤثر بشكل كبير على صحتهم النفسية. في الوقت نفسه، يعاني العديد من الرجال من اضطرابات سلوكية أخرى مثل الإدمان على الكحول والمخدرات، فضلاً عن العنف الداخلي بسبب الضغوط التي يواجهونها.
تعاني صحة الرجال النفسية من تأثيرات سلبية نتيجة عدة عوامل رئيسية مثل ضغوط العمل وتحديات الحياة المعيشية. فالعوامل الاقتصادية، بما في ذلك الضغوط المالية، والتحديات الأسرية والاجتماعية، تعد من بين أكبر مسببات الضغوط النفسية على الرجل، أيضًا، توقعات المجتمع المتمثلة في إظهار القوة والعزيمة وعدم الضعف تجعل من الصعب على العديد من الرجال طلب المساعدة النفسية، مما يزيد من معاناتهم.
من الضروري أن يدرك الرجل أعراض الأمراض النفسية التي قد يعاني منها. من الأعراض التي يجب الانتباه لها: التغيرات المفاجئة في المزاج، العزلة الاجتماعية، الانخفاض الواضح في مستوى النشاط اليومي، اضطرابات النوم وفقدان الشهية. إذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة أو كانت تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، فيجب على الرجل طلب المساعدة الطبية.
أهمية الملتقيات العلمية، مثل الملتقى العلمي الرابع للفصام الذي تشارك فيه جمعية احتواء لمرضى الفصام كمشاركة تساهم في إشراك المجتمع المدني في تعزيز الوعي بأهمية الصحة النفسية للرجل.
تُعد هذه الفعاليات من المنصات المهمة التي تجمع الخبراء والمختصين لتبادل المعرفة ومناقشة التحديات التي تواجه الصحة النفسية في المجتمع. لا تقتصر أهمية هذه الملتقيات على دعم المرضى والمختصين فحسب، بل تساهم أيضًا في تعزيز الثقافة المجتمعية حول ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية وتوفير الدعم اللازم.
إضافة إلى ذلك، يُمكن اتخاذ خطوات لتحسين الصحة النفسية للرجل من خلال عدة اقتراحات. أولًا، يجب على الرجل أن يتعلم كيفية التعبير عن مشاعره والبحث عن الدعم النفسي عند الحاجة. ثانيًا، من الضروري أن يتمتع الرجل بوقتٍ خاص للاسترخاء وممارسة الأنشطة التي تساعده على تقليل مستويات التوتر، مثل الرياضة أو الهوايات. كما ينبغي للمجتمع أن يدعم الرجال في مواجهة الضغوط اليومية من خلال برامج التوعية وورش العمل التي تعلمهم كيفية إدارة مشاعرهم والتواصل بشكل صحي.
من المهم أن يدرك المجتمع أن الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة. ولذلك، لا ينبغي تحميل الأطباء وحدهم المسؤولية عن التوعية والمساعدة، بل يجب أن يكون هناك جهد جماعي يشمل الأفراد، العائلات، والمجتمع ككل. دعم الرجال في التحدث عن معاناتهم النفسية يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في تحسين حياتهم وحياة أسرهم.
شهر نوفمبر فرصة لإحداث التغيير، سواء من خلال زيادة الوعي حول الأمراض النفسية التي قد يعاني منها الرجال، أو من خلال العمل على تطوير سياسات تدعم صحتهم النفسية بشكل شامل.
@DrLalibrahim