وهذا قد يعني من سبقنا من العلماء في التاريخ العربي والإسلامي وغيرهما من الأمم بأهمية السؤال وشروطه وما يجب أن يصاغ عليه ويوجه فيه من الظروف والأحوال حتى يحقق الغاية التي كان من أجلها، خاصة عندما يكون هذا السؤال موجهاً من التلميذ إلى أستاذه أي من المتعلم إلى المعلم، ومن ذلك ما ذكره الخطيب البغدادي من ضرورة مراعاة الظروف الملائمة للسؤال من حيث الزمان والمكان، لأن لكل مقام مقال بحيث يتم وفق أصول التواصل بين الطرفين التي يجب أن تكون بما يليق بشرف العلم والتعلم.
كما يتعين على المسؤول عنه بوضوح أي أن على المتعلم أن يتحرى الدقة في السؤال، كما أن على السائل أن يطرح الأسئلة الهادفة بل ينبغي عليه أن لا يطرح على معلمه إلا هذا النوع من الأسئلة وعليه أيضاً التمهل في طرح الأسئلة وحسن الاستماع وعدم مقاطعة المتكلم قبل أن ينتهي من الجواب حتى وإن استجد في فكر السائل شيء أثناء الإجابة فإن عليه أن ينتظر حتى يفرغ المعلم من الإجابة قبل أن يوجه السؤال حول ما استجد لديه من أفكار، لأن التمهل في طرح السؤال يقلل احتمال الخطأ الذي يحصل بسبب الاستعجال قبل الفهم والاستيعاب، كما أن مقاطعة السائل والمجيب أحدهما للآخر يكون سبباً لعدم الفهم بل والفهم الخطأ أحياناً، كما أن على المعلم أن يتجنب كل ما يزعزع ثقة المتعلم بنفسه وأن يقدر جرأة المتعلم في طرح السؤال بل ويشجعه على ذلك وفي المقابل فإن على المتعلم أن يتجنب كثرة السؤال، وخاصة إذا كان ذلك بأسئلة غير هادفة لا تضيف شيئًا من العلم والمعرفة حول المسئول عنه من الموضوعات، لأن ذلك قد يثير غضب المعلم.
ونشير إلى ما ورد في التراث العربي والإسلامي عن أنواع الأسئلة فهي نفس أنواع الأسئلة في عصرنا الحاضر تقريباً، فهي وإن تعددت صياغتها إما أن تكون طلباً لبيان أمر مجهول، أو ناشئة عن عدم اقتناع السائل بجواب صادر عن مصدر آخر وجه إليه أي أن السؤال إما أن يكون طلباً للمعرفة أم اعتراضياً طلباً لتصحيح ما لم يقتنع به السائل من إجابات سابقة، أما بالنسبة للهدف من طرح السؤال فإن الأسئلة على أنواع متعددة تبعاً لذلك فمنها السؤال عن الرأي والسؤال عن الدليل والسؤال على سبيل الاعتراض، وكل ذلك مما ينبغي أن يحرص المتعلم على معرفته والتأدب به عند سؤال معلمه وبذلك ستتحقق الغاية وتشرف الوسيلة.
@Fahad_otaish