وهذا المؤتمر الدولي يسمى «المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع 2024»، وهو النسخة الثالثة حيث امتد من 24 إلى 26 نوفمبر، وقد سبقته نسختين في عام 2020م و2022م، وكان العنوان الرئيسي لهذه السنة «عقول مبدعة بلا حدود».
وقد استوقفني العنوان كثيرا، لأن السر في الإبداع التفكير بلا حدود، وخارج الصندوق، وبطريقة مختلفة عن النمط التقليدي، وهو يتطلب في كثير من الأحيان كثرة التساؤلات، والعصف الذهني مع النفس والآخرين، كمثل: لماذا لا نقوم بهذا الأمر بطريقة مختلفة؟، وهل هناك طريقة أفضل وأقل تكلفة؟ إن كثرة طرح الأسئلة «كالأطفال» للمشاكل التي تواجهنا تقودنا بثبات نحو الإبداع والابتكار.
ومن المعلوم أن التساؤلات والبحث عن إيجابيات منطقية هي التي كانت تشغل عقول العلماء كنيوتن، وآينشتاين، وهايزنبيرغ، وماري كوري، وماكس بلانك، والقائمة تطول عبر التاريخ، وأضيف لأؤكد أنه لا توجد فكرة سخيفة أو تافهة في عالم المواهب والعقول المبتكرة، ولكنها أفكار تحتاج إلى التمحيص والمراجعة، ثم البرهان والإثبات.
وعودا إلى أجواء المؤتمر حيث كانت المحاور الرئيسية: الإبداع في الأسرة، هي رعاية الإبداع في كل منزل، والإبداع في البيئة التعليمية، هي رعاية الإبداع والانضباط والمسؤولية في المدارس، والإبداع في بيئة العمل، هي رعاية الإبداع والانضباط والمسؤولية في البيئات المهنية، والإبداع في المجتمع، هي رعاية الإبداع والانضباط والمسؤولية في المجتمعات المحلية.
وأما الحدث الرئيسي فقد كان «الكرياثون» ونقلا عن موقع المؤتمر هو: «يجمع العقول المبدعة والمواهب الاستثنائية من مجالات متنوعة، جميعهم مدفوعون بالذكاء الجماعي لتطوير حلول مبتكرة تعزز جودة الحياة في سياقات مختلفة.
سيتعاون المشاركون في فرق متعددة التخصصات، ويتفاعلون مع الخبراء، ويعرضون أفكارهم الرائدة أمام لجنة من المهنيين المتمرسين»، وللفائدة فإن المعنى العام لكلمة الكرياثون «Creathon» هي مسابقة ابتكار وحلول إبداعية، وتعلمية رقمية يتنافس المشتركون فيها من أجل إيجاد حلول لمشاكل وقضايا مجتمعية.
والحقيقة أن المعادلة من أجل التنافس والسعي نحو المقدمة، ومن ثم المحافظة عليها، تحتاج وبشدة إلى الاهتمام وبشكل مستمر وفعال لمسالة الإبداع والابتكار في شتى مناحي الحياة، وهذا الأمر ينطبق على الدول والمؤسسات والشركات والمجتمعات، وحتى الأفراد، وهو يكون عن طريق البحث عن الموهوبين، وتنمية مهاراتهم، وتسهيل وصولهم إلى ما يحتاجونه من أدوات ومختبرات، فضلا عن الدافع المعنوي والنفسي، ومن خلال المؤسسات والمعاهد والجامعات والمدارس وغيرها، وهي سلسلة طويلة متعددة، ولكنها مهمة وضرورية لاستمرارية ضخ الدماء الشابة المتعطشة للابتكار والاختراع. ويدل على ذلك بوضوح هو أن نشأة أغلب كبريات الشركات حول العالم من أفكار مبدعة، وعقول شابة.
وعلاوة على ما سبق، لو تأملنا هذه الشركات في مختلف دول العالم لوجدناها حريصة جدا على قضية «R&D» بمعنى البحث والتطوير حيث ينفق على هذا القطاع المليارات من الدولارات، وهم يستقطبون المبدعين والموهوبين من كل الدول لأنهم السر في التقدم، وكذلك المحافظة على القمة في أي مجالا كان.
وأعتقد أن العبء الثقيل يقع على الجامعات، فهي الحواضن الرئيسية للمواهب، ولديها القدرة على العمل مع الشركات والمؤسسات الكبرى لأن القاسم المشترك هو البحث والابتكار. وهي مسألة رابحة لكلا الطرفين «win/win»، فالجامعة تصعد في الترتيب العالمي للبحوث والابتكار، والشركات تحوله إلى منتج ربحي يغزو الأسواق.
إن الدعم المتواصل لمثل هذه المؤتمرات هو أمر صحي ومنطقي للمنافسة وللتفوق على الدول المتقدمة والشركات العالمية.
@abdullaghannam
اقرأ ايضاً : هل سمعتم باليوم العالمي للرجل ؟