قنبلة أخرى تداهمك عندما تأتي فتصلي في جامع الحي وما إن ينتهي الإمام حتى ينبري المتسول بخطبة عصماء عباراتها مشوبة بالعبرات، فتراه تارة يحمل طفلاً أو تقريراً طبياً بحاجة للتدقيق والفحص،وتارة.. إلى آخره.
قنبلة ثالثة تداهمك عند دخولك لأحد المطاعم -وخصوصاً الفخمة منها- لشراء وجبة تستلذها مع زوجتك وأولادك، وإذا بالمتسولين والمتسولات يتربصون بالغادي والرائح، تجدهم قد استحوذوا على أبوابه سائلين منكسرين، فتارة تسأل الحليب وتارة الطعام وتارة الدواء وتارة.. إلى آخره.
وتتوالى الأيام وإذا بك تكتشف بأنك محاصر بشبكة من القنابل الموقوتة يجمعهم المقصد والغاية ويتعددون في الوسائل والأدوات، ومن هنا لابد أن ندرك بأن التسول أحد الأيقونات الخطيرة لجمع الأموال بطريقة عاطفية تُستغل فيها طيبة ورأفة المارة والسالكين للطرقات، فعدد من أولئك المتسولين والمتسولات الذين تعج بهم الشوارع والطرقات قد يُكتشف لاحقاً انضمامهم لأحد التنظيمات الإجرامية التي تستهدف أمن الوطن والمواطن، وعند التدقيق في أحوال البعض منهم تراهم يقتسمون المواقع فلا يجرؤ أحدٌ على دخول منطقة مخصصة لمجموعة أخرى، وهم بذلك أساءوا للفقراء والمعوزين حقاً، يتسترون بأغطية النساء ويسرقون بسمة الطفولة ويقتاتون عليها.
والسؤال الأهم، أين دور المواطن والمواطنة لاسيما وهما خط الدفاع الأول عن أمن البلد وحفظ مكتسباته؟! فالأجهزة المعنية مهما بذلت مشكورة في محاربة تلك الظاهرة فسيبقى دورها محدود الأثر عند غياب دور المواطن والمواطنة في المقام الأول. فكم من أولئك المتسولين من يعمل لصالح أجندة خارجية عدائية للمملكة العربية السعودية ويمولها بالمال المتحصل من الشعب الطيّب الرحيم؟ وكم من أولئك المتسولين من يسعى لارتكاب العديد من الجرائم الجنائية كخطف الأطفال والنساء وإجبارهم على العمل تحت ذريعة التكسب وجلب المال.
ومن هذا المنطلق لا بد من العمل المشترك لرفع مستوى الوعي الفردي والمجتمعي حول التسول وخطره، وأنه ظاهرة فوضوية غوغائية وتجمع تحت لوائها السُرّاق والمحتالون؛ ومكافحتها ظاهرة حضارية وطنية تستدعي القبض عليهم ودراسة أحوالهم وتبني المحتاج منهم ودعمه ورعايته وإحالة المحتال للجهات الأمنية للتحقيق وإعمال الإجراءات والأنظمة في ذلك، وليكن الجميع يداً واحدة في تجفيف منابع الإرهاب المالية وإيقاف نشاطها بإيقاف بذل المال، وليعلم الجميع أن الوطن في أعناق الجميع، فلا نساهم في تدميره بدعم أولئك المتسولين المجهولين، ولنتجه إلى المؤسسات الإغاثية المصرح لها، ولنتعاون لنكون الخط الأمني الأول في قطع دابر أولئك، ولتعمل الأجهزة المعنية بمكافحته والعمل على ملاحقته، وفي حال التعرف على الحالات المحتاجة حقاً فيمكن خدمتهم بإيصالهم إلى الجمعيات الخيرية المنتشرة في أرجاء بلادنا لضمان تقديم الخدمة اللائقة بهم عبر المصادر الموثوقة والله من وراء القصد.
@mesfer753
إقرأ أيضاً في : كلمة ومقال