وبالنسبة للطيف الدولي في الأزمة السورية فهو يشكل حالة خاصة حيث تجتمع القوى الدولية التي تتقاطع مصالحها مع بعضها على الأرض السورية كما تجتمع القوى الاقليمية على ذات الأرض في مشهد عجيب تتقاطع فيه المصالح فتلتقي حيناً، وتتنافر حيناِ آخر.
بعد أقل من أسبوع على اندلاع الصراع بين قوى مسلحة في سوريا وبين قوات الجيش السوري نقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة بتطور الأوضاع في سوريا وكشفت الجلسة المطولة التي تحدث فيها غير مندوب من الحاضرين حجم عدم الاتفاق الذي يسود المنظومة الدولية حيال ما يجري هناك، فنجد أن المنظومة العربية التي تمثلها لبنان تحدثت عن ظرورية العموميات في الحالة السورية مثل التأكيد على سلامة وحدة سوريا و عدم تفتت اقليمها وشعبها، بينما ذهبت دول أخرى إلى التأكيد أن النزاع القديم المتجدد في سوريا لن يجد حلاً بالسلاح ورجحت هذه المنظومة ضرورة الخيار السلمي الذي يقوم على قرارات دولية ذات صلة بالوضع في سوريا أبرزها القرار الشهير ٢٢٥٤ الذي يضع خارطة طريق للنظام وللمعارضة يلتقي حوله الجميع في شكل جديد من أشكال التوافق بين السوريين في فترة انتقالية ودستور جديد وانتخابات حرة ونزيهة.
هذه الصيغة أو الروح العامة هي تأكيد للمسار الذي عرف في الأزمة السورية بمسار جنيف، لكن هناك من يرفض هذا المسار ويميل لمسار آخر يسمى مسار أستانا وهو في الواقع وبحسب عدد من المراقبين المسار الذي يدعمه حلفاء النظام ويقوم هذا المسار على تطويل المدة التي يمكن الوصول فيها إلى حل للمسألة السورية ويقول أفراد من من يعارضون النظام أن هذا المسار يهدف لافراغ المعارضة من معناها، بالاضافة إلى تفتيت وحدتها وقوتها.
في جلسة مجلس الأمن كانت الأصوات الدولية الوازنة حذرة وشديدة اللهجة وكان هناك تلمس واضح في بعض الخطابات لما يمكن أن نسميه التركيز على الحالة الإنسانية التي يمكن أن تكون بوابة كبيرة للتدخل الدولي.