أليس هذا هو نفس عنوان الاجتماع الذي أدلينا فيه بتحديثات وخرجنا منه بتوصيات قبل فترة قصيرة؟ ما الجديد الذي يمكن أن نخرج به من خلال حضور هذا الاجتماع؟ سيّما وأنه من نوع الاجتماعات التي لا «طوارئ» فيها! تدخل قاعة الاجتماعات، وتتخذ مقعدا يتناسب مع مقاس علامة الاستفهام التي تعلو هامتك، وتترك مسافة آمنة بينك وبين مصادر اللهب، لينبري أحدهم بإظهار عرض «الألغام» على شاشة القاعة، ويرحّب الأخ «أحدهم» بالجميع ويشكرهم للحضور، ومن هنا تبدأ الكارثة..!
ما إن ينتقل الزميل «أحدهم» إلى الشريحة التالية، إلا وتكتشف أن هناك نوايا للغدر، فهذه الشريحة جديدة عليك بالكامل، ولم يسبق أن رأيتها في حياتك! وبما أننا في الشريحة الثانية التي سببت كل هذه الصدمة، تترك لنفسك حرية السؤال: تُرى ما الذي ينتظرنا عند الوصول إلى الشريحة رقم 70؟ يتسلل سؤال من صاحب الوظيفة الأعلى، ويقول: هل قمتم بمشاركة هذا العرض مع الجميع قبل الاجتماع؟
ويرد الزميل «أحدهم» ويقول: نعم طال عمرك(.) وهنا تتضخم علامة الاستفهام التي تعلوا رأسك وتسأل ذاكرتك: متى قام «أحدهم» بمشاركتي العرض الحالي؟
ولا تجد في صندوق الوارد بهاتفك الذكي الذي بادرت إلى التفتيش فيه خفيةً تحت طاولة الاجتماع أي دليل يؤيد ما أكده زميلك، كما لا يصل إلى مسامعك أي صوت ينفي هذه المزاعم من بين الحشد المهول الذي يحضر الاجتماع!! وعندها تعلم أن «الدم سيكون للرُكب» بمجرد الوصول إلى شريحة بعينها. الشريحة 13 على الشاشة الآن، وقد انتهت الشرائح الـ 12 الأولى بسلام لأنها تخص حبايب «أحدهم» والمرضي عنهم عند «الكبير»، ويطلب «أحدهم» الآن وبمنتهى الصفاقة من قائد إدارة ليست ضمن دائرة الحبايب الضيقة أن يستعرض ما في الشريحة 13 مع التوضيحات اللازمة لـ (رئيس الاجتماع)!
وتنتقل كل العيون إلى المعني بالشريحة 13.. وتستشعر حجم الترقّب للإدلاء بتفسيرات حول سبب انتشار اللون الأحمر الدامي في كل جنبات الشريحة! وتلمح الصدمة على وجه الزميل المغدور الذي اكتفى بمط شفاهه وتوسيع محاجر عينيه.. التي اغرورقت بالدموع؛ وتلمح ظهور سبابته بشكل مفاجئ.. وتوجيه السبابة للإشارة إلى زميل آخر في إدارة شقيقة، مع فحيح يقول: حنا ما عندنا تأخير طال عمرك.. الموضوع طلبنا فيه دعم الزميل فلان، وإلى الآن ما رد علينا! ومع بزوغ فجر الشريحة 13، وبالتزامن مع فحيح الزميل المغدور.. تدور رحى معركة التراشق بالاتهامات في قاعة الاجتماعات، وتبدأ قطرات من الدماء بالتناثر مرة للأعلى تجاه السقف ومرة تجاه جدران الغرفة، وتلتصق قطرات طائشة من الدم بوجنات زميل مهذب إلى يمينك؛ كما ستشاهد عن كثب مهارة الضرب تحت الحزام، سواء بالقبضة المستقيمة أو بالركلات الطائرة؛ ولا تستغرب أن تسمع أحد المغدورين وهو يقول منافحاً عن نفسه: «رنيم ما قالت لي عن هذي الشغلة!» وأغلب الموجودين لا يعلمون من هي الأخت رنيم أصلاً! وتبقى الحقيقة المجرّدة ماثلة في أن الجميع وقعوا في الفخّ..
وتلاسن الزملاء على بعضهم البعض، وخسر الجميع في معركة التراشق بالتهم.. ولم يخرج منتصراً من هذه المعركة دون جراح أو نزيف سوى أشخاص بعينهم، كانوا قد اتفقوا خلال سهرة جمعتهم البارحة على إشعال فتيل فتنة الشقاق بين الأشقاء.
@abdullahsayel