العطاء له أشكال متعددة، من المال والجهد والوقت والفكر والقلم. وهذا العطاء يكون مفيدا ونافعا أكثر للمجتمع إذا كان عملا تطوعيا ومستداما، ومن خلال القنوات الرسمية ليؤتي ثماره بشكل الصحيح، وعلى الوجه المطلوب، وحتى يحقق الغاية المنشودة.
يوافق يوم 5 ديسمبر من كل سنة «اليوم الدولي للمتطوعين»، وقد اعتمد هذا اليوم العالمي بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام «1985م». ويأتي الموضوع لهذا العام «2024م»: «التطوع المتنوع يقوي المجتمعات»، وتحدثت هيئة الأمم عن العمل التطوعي فذكرت أنه: «ولا يمكن تحقيق أهداف التنمية المستدامة دون إشراك الناس في جميع المراحل وعلى جميع المستويات وفي جميع الأوقات، ويجعل العمل التطوعي الناس جزءًا من الحلول ويسمح لهم بالمشاركة في تطوير مجتمعاتهم». وأضافت أيضا بالتنويه والثناء على مثل هذه الأعمال الإنسانية الرفيعة، فقالت: «وعادة ما يكون المتطوعون هم أول من يستجيبون وينهضون لمواجهة التحديات بشجاعة وتفانٍ ونكران للذات».
والتعريف التطوع بحسب «نظام العمل التطوعي» هو: كل جهد أو عمل يقدمه شخص ذو صفة طبيعية أو اعتبارية، بطوعه واختياره؛ رغبة في خدمة المجتمع وتنميته، وأما المتطوع فهو: كل من يقدم عملا تطوعيا، دون اشتراط مقابل مادي أو معنوي.
ومن الملاحظ والمشاهد الملموس، أن العاملين في مجال التطوع تجدهم أكثر رحابة صدر، وأكثر تبسما للآخرين، وتجدهم أيضا يتمتعون بما يقومون به. بل أكاد أجزم أن المتطوعين للأعمال الخيرية بوجه عام يشعرون براحة نفسية داخلية تراها واضحة على محياهم، وهذا من أسرار وثمرة العطاء دون انتظار مقابل ولا شكورا.
وأما من ناحية الأرقام، فعالميا يبلغ عدد المتطوعين «862.4» مليونًا في كافة أنحاء العالم، وأما محليا وبحسب موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: «وبلغ عدد العاملين في المجال التطوعي خلال 2023 أكثر من 843 ألف متطوع بلا تكرار، في حين بلغ عدد المتطوعين مع التكرار أكثر من 3 ملايين متطوع ومتطوعة نفذوا أكثر من 528 ألف فرصة تطوعيّة، وأمضوا أكثر من 53 مليون ساعة تطوعية تنوعت بين مجالات صحية واجتماعية واقتصادية وبيئة وتنظيمية وإعلامية، في مختلف مناطق ومدن المملكة».
ومن المعلوم أن العمل التطوعي هو صورة جليلة من العطاء، وله فوائد متعددة سواء على الفرد «المتطوع» أو المجتمع، فمنها على سبيل المثال: تعزيز ترابط المجتمع، وضع بصمة وأثر حقيقي في حياة الآخرين، وتعزيز مفهوم العمل الخيري، وتنمية الشعور بالانتماء والمسؤولية المجتمعية، وفرصة للتعلم وتنمية المهارات الشخصية والمهنية، وبناء علاقات اجتماعية واسعة، وكذلك الفوائد النفسية والجسدية، واستكشاف مهارات واهتمامات وهوايات جديدة.
وأما المجالات التطوع، فعديدة ومتنوعة منها، الصحة والتعليم والبيئة وأماكن العبادة، والأماكن العامة، والنشاطات والفعاليات المجتمعية الرسمية وغيرها، ويمكن الرجوع إلى «المنصة الوطنية للعمل التطوعي»، حيث يوجد الكثير من الفرص والمجالات الشتى للمشاركة، حتى ولو كانت المشاركة بفكرة خلاقة وجديدة! وقد تزين موقع المنصة بالحديث النبوي: «إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليفعل».
ولا بد من التأكيد على أن يكون العمل التطوعي من خلال القنوات والمنصات الرسمية والمعتمدة حتى تكون ثمرة العمل ناجحة، وتصل إلى من يستحقها، وحتى لا تستغل بشكل خاطئ قد يضر أكثر مما ينفع.
وخلاصة القول، فإن العمل التطوعي هو من عطاءات القلوب ويظهر على الجوارح.
@abdullaghannam