كشفت دراسة مسحية حديثة، أجراها باحثون سعوديون في مستشفيات ومراكز صحية بالمملكة العربية السعودية، عن نتائج دقيقة ومهمة بشأن التحكم في ضغط الدم على المدى الطويل لدى المرضى السعوديين.
وحملت الدراسة عنوان “تقييم التحكم في ضغط الدم على المدى الطويل باستخدام الوقت المستغرق في النطاق العلاجي بين المرضى السعوديين”، وشارك في إعدادها فريق بحثي مميز ضم الدكتور محمد آل شبيب، رغد العجلان، الدكتور صلاح بوحليقة، الدكتورة فاطمة الحرز، الدكتور أيمن القرين، والدكتور فاضل العمر.
دراسة شملت 30 ألف شخص
الدراسة التي أُجريت بإشراف مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية التابع لجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية بالشؤون الصحية لوزارة الحرس الوطني، شملت أكثر من ثلاثين ألف مريض سعودي يعانون من ارتفاع ضغط الدم الأساسي.
وجرى متابعة هؤلاء المرضى عبر ستة مستشفيات كبرى و24 مركزًا صحيًا موزعة على خمس مدن رئيسية في المملكة العربية السعودية، وهي الرياض وجدة والمدينة المنورة والدمام والأحساء.
واستغرقت الدراسة مدة خمس سنوات كاملة، تم خلالها تقييم مدى استقرار ضغط الدم عند المرضى باستخدام طريقة تعتمد على الوقت المستغرق في النطاق العلاجي، والمعروفة عالميًا بأنها مؤشر دقيق لتقييم فعالية التحكم في المرض.
مدة ضغط الدم ضمن النطاق العلاجي
وأوضح لـ "اليوم" الدكتور محمد آل شبيب، استشاري علم الأدوية والجينات الوراثية وعالم أبحاث مشارك في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية، أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة أظهرت بوضوح أهمية زيادة الفترة الزمنية التي يبقى فيها ضغط الدم ضمن النطاق العلاجي المطلوب.
وأشار إلى أن هذه الزيادة تعكس فعالية العلاج وتقلل من المضاعفات الصحية الخطيرة التي قد تنجم عن ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط، مؤكدًا أن هذه الطريقة تعتمد على أحدث التوصيات الصادرة عن منظمتي القلب الأمريكيتين AHA و ACC، اللتين شددتا على ضرورة الحفاظ على ضغط الدم في النطاق الطبيعي وأن لا يتجاوز 129/80 ملم زئبق كحد أقصى لضمان صحة القلب والأوعية الدموية.
وخلصت الدراسة إلى أن ما يقارب ثلاثة أرباع المرضى الذين شملتهم الدراسة كانوا يعانون من انخفاض كبير في نسبة الوقت الذي يبقى فيه ضغط الدم ضمن النطاق العلاجي، حيث تبين أن هذه النسبة تقل عن خمسين بالمئة، وهي نسبة غير مرضية من الناحية الطبية. كما أظهرت النتائج أن التقدم في العمر وزيادة الوزن وطول مدة الإصابة بارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم من العوامل التي تؤثر سلبًا على قدرة المرضى على تحقيق استقرار ضغط الدم ضمن النطاق المطلوب.
الالتزام بالعلاج
وأكدت الدراسة أهمية اتباع نهج شامل لعلاج ارتفاع ضغط الدم، يشمل الالتزام بالعلاج الطبي الموصوف من قبل الأطباء، واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، والتحكم في الأمراض المزمنة المصاحبة،مثل السكري وارتفاع مستويات الدهون في الدم.
وأوصت الدراسة باستخدام طريقة الوقت المستغرق في النطاق العلاجي كأداة تقييم معيارية وفعالة لضمان التحكم في ضغط الدم بشكل أفضل والحد من المضاعفات الخطيرة التي قد تنجم عن عدم استقراره، مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية والفشل الكلوي.
وأبرز الباحثون أن هذه الدراسة تُعد الأولى من نوعها في المملكة العربية السعودية التي تعتمد هذه الطريقة المبتكرة لتقييم مدى التحكم في ضغط الدم وفقًا لمعايير علمية عالمية دقيقة. وأكدوا أن نتائج هذه الدراسة تمثل إضافة نوعية إلى الجهود المبذولة لتحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة لمرضى ضغط الدم في المملكة، وتدعم التوجه نحو تبني أساليب طبية مبنية على الأبحاث العلمية الموثوقة لضمان صحة وسلامة أفراد المجتمع.