غير أن فاعلية هذه الأنظمة قد تُعطَّل أحياناً بسبب خلل إداري يتمثل في ضعف التطبيق، أو التسويق غير الكافي لها، على سبيل المثال، إحالة قضايا العنف الأسري أو العنف في بيئات العمل إلى مراكز الشرطة قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تأخير التعامل معها نظراً للأولويات الأمنية الأخرى، مثل التعامل مع الجرائم الجنائية الكبرى. وفي هذه الحالة، قد تُهمل قضايا العنف الأسري أو الاعتداء على الممارسين الصحيين رغم أنها تُصنف ضمن الحقوق العامة التي نصت عليها الأنظمة بوضوح، إن غياب التنسيق الفاعل قد يؤدي إلى ترك الضحايا في مواجهة خطر مستمر دون حماية فعلية.
من المؤسف أن نسمع عن حالات يتم فيها الاكتفاء بتوقيع تعهدات كتابية من قِبل المعنِّف، ليعود بعدها إلى حياة الضحية وكأن شيئاً لم يكن، فهل يكفي التعهد الورقي لضمان حماية الأرواح؟ وهل تُترك المعنّفة لتغادر برفقة من اشتكت عليه، فقط لأنه والدها أو قريبها؟ وكذلك الحال مع الممارسين الصحيين الذين قد يتعرضون للإيذاء في بيئة العمل، من يضمن لهم الحماية الفعلية بعيداً عن التساهل في تطبيق الأنظمة؟
إن تعطيل تطبيق النظام أو التساهل فيه يؤثر على ثقة المجتمع بمؤسساته، وهنا، من الضروري التأكيد على أن حماية الضحية أولوية قصوى لا يجب أن تتأثر بالظروف الإدارية أو الاجتماعية. فالقوانين واضحة، والقيادة أكدت مراراً على ضرورة حماية الفئات المستضعفة وتقديم الحلول العملية والآمنة.
ولكي نحقق فعالية أكبر في التعامل مع قضايا العنف، يجب أن نعمل على:
1 - تعزيز التوعية بالأنظمة والتشريعات، سواء للجهات التنفيذية أو للمجتمع، لضمان تطبيقها بشكل سليم وعادل.
2- تفعيل آليات التنفيذ بشكل أسرع وأكثر كفاءة، من خلال تخصيص وحدات أو أقسام معنية بقضايا العنف بعيداً عن الازدحام الجنائي العام.
3 - ضمان عدم الإفلات من المساءلة، بحيث لا يُستهان بأي شكوى أو قضية مهما كانت ظروفها.
كلمة أخيرة:
إن حماية الأفراد من العنف، سواء الأسري أو المهني، ليست ترفاً بل حقاً أصيلاً أقرته الدولة من خلال أنظمة متكاملة مثل نظام حماية الطفل، نظام الحماية من الإيذاء، ونظام حماية الممارس الصحي، وما نحتاجه هو أن نُترجم هذه الأنظمة إلى واقع ملموس، حيث لا يجد أي معنف أو معتدٍ مساحة لإلحاق الضرر بغيره، ولا تُترك أي ضحية دون حماية تضمن لها الأمان.
ختاماً، لا بد من الثناء على جهود الدولة في سنّ الأنظمة التي تحفظ حقوق الأفراد وتحميهم، وفي الوقت ذاته، من واجبنا أن نعمل جميعاً على ضمان تطبيقها بالشكل الذي يحقق أهدافها النبيلة دون تعطيل أو انتقائية.
@DrLalibrahim