استمر مهرجان الرياض للمسرح في تقديم فعالياته الثقافية المتميزة لليوم الثالث، حيث شهد عرضين مسرحيين لافتين بعنوان "إمبراطورية منخوليا" و"هذيان".
ولاقيا العملان استحسانًا كبيرًا من الجمهور والنقاد على حد سواء، لما حملته العروض من أبعاد درامية وفكرية عميقة.
"إمبراطورية منخوليا" بين المثالية وواقع التحديات
تناولت مسرحية "إمبراطورية منخوليا" قصة غانم، الحاكم الطموح الذي يسعى إلى تأسيس إمبراطورية تقوم على مبادئ العدل والمساواة.
ومع تقدم الأحداث، تظهر التحديات والصراعات التي تواجه رؤيته المثالية، ليبرز التساؤل: هل يمكن تحقيق الحلم في عالم تحكمه التعقيدات والواقع؟
تميزت المسرحية بتوظيف سينوغرافي إبداعي، استخدمت فيه المرايا لتعكس فلسفة العرض، إلى جانب الأداء التمثيلي المبهر، وخصوصًا للفنان محمد لادان، الذي نجح في تجسيد شخصية الجندي بشكل لافت رغم فقده للبصر، مما أضفى على العمل بعدًا إنسانيًا مميزًا.
"هذيان" دراما نفسية عميقة
أما مسرحية "هذيان"، فقد أخذت الجمهور في رحلة نفسية مدهشة مع شخصية نحات يواجه صراعًا داخليًا مع ذاته.
العرض بدأ بمشهد درامي مؤثر حيث تظهر زوجته من إحدى لوحاته، لتتوالى الأحداث وتصل إلى ذروتها بمأساة مؤلمة.
العمل تناول بعمق تساؤلات عن الحياة والخيال والحقيقة، مع أداء تمثيلي متميز أبرز معاناة النحات وصراعاته.
وقد أثنى النقاد على الحبكة الدرامية والنص الحواري المتماسك، الذي نجح في جذب انتباه الجمهور منذ اللحظة الأولى وحتى النهاية.
إشادات نقدية
شهد المهرجان ندوتين نقديتين خصصتا لمناقشة العملين، حيث أدارت الدكتورة أميرة بخاري الندوة الأولى عن مسرحية "إمبراطورية منخوليا"، بمشاركة الناقدة اللبنانية رشا الدبيسي، التي أشادت بالنص المسرحي ووصفته بأنه مليء بالإسقاطات الفكرية العميقة.
كما أثنت على الأداء التمثيلي وتوظيف الإخراج للشخصيات، مما أضاف بعدًا دراميًا قويًا.
فيما أشاد الكاتب المسرحي والناقد الأدبي العماني علي المعمري بمسرحية "هذيان"، مؤكدًا على جماليات النص وبراعة الأداء التمثيلي، وخاصة شخصية النحات.
وجسدت الشخصية الصراع الداخلي بمستوى عالٍ من الاحترافية، إلى جانب الاستهلالية المبهرة التي استعرضت التقاء الضوء والتعبير الحركي بشكل متناغم جذب الجمهور منذ البداية.
منصة للإبداع المسرحي
وانطلق مهرجان الرياض للمسرح يوم الأحد الماضي يستمر حتى السادس والعشرين من ديسمبر الجاري.
ويعد أحد أبرز الفعاليات الثقافية التي تحتفي بالمسرح في المملكة العربية السعودية، مشكلًا منصة تجمع بين الإبداع الفني والحراك الثقافي الذي يعزز مكانة المسرح السعودي على المستويين المحلي والدولي.