أبداً، بل تنافسوا على رعاية الأم والسعي لرد ما قامت به تجاههم، وتقدمت أم رهف لتبدأ برعاية أمها، وثبتت بل وتفننت وتميزت في العطاء، مع تكالب الظروف وشدة المعاناة، وسط دعم من أختها وإخوانها. وطنت البنت نفسها على القيام بحق أمها وتركت الوظيفة، ومنعت نفسها ملذات الحياة لسنوات طويلة، بل حتى الزواج كانت ترفض من يتقدم لها مع صغر سنها- لأنها كانت ترعى أمها ولا تريد أن تنشغل عنها بغيرها. الغريب أن أم رهف لم تتذمر يوماً بل كانت تبذل بسخاء نفس، وسمو أخلاق، والغريب أن الأبناء كانوا يدعمون بدون تأفف، ولم أسمع كلمة واحدة طوال سنوات المرض من أحدهم تدل على عدم الرضا بل حتى الشكوى من الإرهاق لم أسمعها.
ورحلت الأم بعد سنوات من المرض المصحوب بالعناية والرعاية، فاستحقت البنت وإخوانها التهنئة مع التعزية على هذا الثبات والرقي وتقديم أنموذج عظيم لمجتمع عظيم. مثل هذه الحالة تستحق الفخر وتستحق الدراسة والاستفادة.
فمن الأسباب بعد توفيق الله سبحانه وتعالى لهذه العائلة. صلاح الأم، فقد كانت هذه الأم التي نالت هذه الرعاية بارة بوالدها، كما كانت علامة على الديانة حتى آخر حياتها، وكانت أنموذجاً في الرقي وحسن الأخلاق والستر والحياء والصبر على القضاء، فنالت جزاءها في الدنيا قبل الآخرة. وأيضاً كان أبوهما صالحاً، فصلاح الأب ورحمته ينعكس على الأبناء، فهؤلاء الأبناء من نسل رجل صالح كريم معطاء. ومن الأسباب رقة البنات ورحمتهن، وأعان الله بيتاً يخلو من بنت.
ومن الأسباب تكاتف المجتمع ودعمه وسعادته بوجود مثل هذه النماذج فيه، فإنما ترقى وتبقى المجتمعات بمكارمها وكرامها وكريماتها. احرصوا على صلاح أنفسكم، وبناء بيوتكم، وتأسيس علاقاتكم، وابحثوا لأولادكم عمن يرحم ويجمع ولا يفرّق، وافخروا بمجتمعكم، فهو مجتمع عظيم يستحق الفخر.
هذه القصة وقفت عليها وهي لعمتي رحمها الله التي انتقلت إلى جوار ربها قبل أيام.
اللهم اجعلها وأمواتنا في الفردوس.
@shlash2020