كثيرا ما تسأل المرأة لماذا يتزوج الرجل بأخرى؟ لماذا نبذها واتخذ غيرها ملاذًا؟ ولكني سأسأل سؤالًا مختلفا، لماذا يحترق قلب المرأة قهرًا إذا تزوج زوجها؟ مع العلم أنه يرافق المرأة ويرفض التخلي عنها بغض النظر عن تعليمها أو مجتمعها أو مدى غناها أو فقرها أو عمرها، والسؤال الأهم، هل كل رجل يستحق ما تشعر به المرأة من قهر واحتراق إذا ما تزوج بأخرى؟ بإمكاننا تصنيف الرجال إلى نوعين، زوجٌ تخشى المرأة فقده بالزواج من أخرى، فقد يكون ذلك الزوج الذي يتقن فنون الحياة، ويعرف كيف ينظم من مشاعره تجاهها أروع قصائد الحب والرحمة والمودة، فيهديها الرضى إن نفث في وجهها سموم غضبه، ويفتح صدره ليضمها إلى قلبه حتى تشعر أنه أوسع من الدنيا إن ضاقت عليها، أو يتقن إشعارها أغلى أنفاسه وأنه بدونها واقف على أطراف الحياة، أو قد يتقن عزف سيمفونية اهتمام يطرب لها قلب المرأة وترقص على أنغامها مشاعرها، سيدتي إن سكنت إحدى تلك الصفات خلايا زوجك، أو إذ اما كنت سبب هذا الزواج الثاني بتقصير أو إهمال، فيحق لقلبك أن يحترق طالما أنه فرط بهذا الكنز، ويحق لعيناك أن تفيض ألما ودموعًا لأنها لم ترى تلك النعمة، ولكن هناك زوجٌ ينطبق عليه المثل «البعد عنه غنيمة».
فهناك الزوج صاحب العين الناقدة الذي ينتقد على الدوام أفعالك وأفكارك وكلامك، والتي يجدها كنز ثمين إذا ما تفوه بها أي شخص آخر، فالبعد عنه غنيمة، لأنه سيقتل ثقتك بنفسك ويهزك من الداخل.
وإن عجز عن أن يكون سند لك في هذه الحياة وأن يكون ظهر يحميك من السقوط، بل بالعكس يدوسك أكثر بلومه وعتابه وتأنيبه لك، دون أن يفكر بترميمك إذا ماحاولت هذه الدنيا تحطيمك، فالبعد عنه غنيمة، وإذا كان من النوع الذي يسمح لعصبيته بالهيمنة والسيطرة عليه فينطلق لسانه كالثور الهائج، وتتحول كلماته إلى خناجر تمزق القلب وتدمي الروح فالبعد عنه غنيمة، فالحياة تستمر بدون حب لكنها ستكون باب من أبوب جهنم دون احترام، وهناك الذي ما زال ينظر للمرأة على أنها إنسانة من الدرجة الثانية، فخطؤه طبيعي ومغفور مهما كبر، وخطؤها كفر تستحق القتل عليه مهما صغر، ولا ننسى البخيل الذي لا يقتصر بخله على المال فقط، وإنما يمتد بخله ليطال الحب والاهتمام و الكلمة الطيبة، وهناك الخائن الذي تصبح حياة المرأة معه شعور دائم بالخوف، حتى يحولها إلى بقايا امرأة وحطام أنوثة، فالبعد عنه غنيمة، وهناك أيضا دميم الخلق الذي تتمني لو أن هناك عملية تجميل لألفاظه وتصرفاته، وغير هؤلاء الكثير الرجال اللذين لا يستحقون أن تهدر المرأة دقيقة واحدة من وقتها تتساءل فيها لما تركني؟ كما أنه لا يستحق ذبول عينيك وهي تنزف، أما أن بكيت عمرك الذي ضاع مع من لا يستحق، أقول لك «إن الله لايضيع أجر من أحسن عملا».
ولمن يتشدق بحقوق المرأة وأن الزواج الثاني جرح لكرامتها، فأقول لهم أن الإسلام الذي كرم المرأة وأعطاها حقوقها قبل أي تشريع أو دين لن يشرع ما يهينها.
قد يكون الزواج الثاني ألم لا يطاق، فإذا كانت الولادة أقسى ألم جسدي فالزواج الثاني أقسى ألم نفسي، ولكن كلماتي الأخيرة لمن جرحت بنصل الزواج الثاني استيقظي وفكري قليلاً هل هذا الرجل يستحق أن يضيع ما بقي من عمرك في رثاء حياتك معه؟ أم أن الوقت حان لتحيي حياة هادئة وسعيدة، دون رجل البعد عنه غنيمة.
RatroutNahed@