والحقيقة التي نحتاج إلى استيعابها، هي أن النجاح ليس مرادفاً للمثالية، فالناجح هو كيان إنساني متكامل يحمل في طياته نقاط قوة وضعف، وأحياناً إخفاقات وخيبات، فيتعذر أن يوجد شخص وصل إلى القمة دون أن يمر بلحظات ضعف أو أخطاء أو حتى قرارات غير موفقة، لكن الفارق، يكمن في كيفية التعامل مع هذه اللحظات.
فبدلاً من الانشغال بجوانب القصور الذي لدينا، يجب أن نتبنى فلسفة قبول الذات، والقبول لا يعني الاستسلام للقصور، بل يعني الاعتراف بوجوده، دون السماح له بأن يحدد قيمتنا أو يثبط عزيمتنا، وعند ذلك، يمكننا تحويل تركيزنا إلى تطوير مهاراتنا واستثمار طاقاتنا في الجوانب الذي نجيدها.
عندما نعمل على تحسين ما نحسنه، ونكرس جهودنا لتحقيق أهدافنا، تتضاءل تأثيرات نقاط ضعفنا، وتصبح نجاحاتنا المتراكمة، غطاءً ناعماً يغطي تلك النقائص ويكسوها جمالاً وجاذبية، فكل إنجاز نحققه يعزز شعورنا بالثقة، ويدفعنا للاستمرار في مسيرتنا، دون أن نعير اهتماماً زائداً لما قد نعانيه منقصور بشري وطبيعي.
وفي هذا السياق، لا بد أن ندرك أن جلد الذات هو عدو خفي يعيق تقدمنا، فالنقد البناء أمر مطلوب، ولكن المبالغة فيه، تجعلنا ندور في حلقة مفرغة من الإحباط والشعور بعدم الكفاية، فلنكن أكثر رحمة بأنفسنا، ولنمنحها فرصةللنمو والتطور.
النجاح الحقيقي هو رحلة مستمرة، وليس محطة نهائية، بل هو ثمرة العمل الجاد والتعلم المستمر وتجاوز العقبات تلو الأخرى، وفي هذه الرحلة، ستكون هناك لحظات ضعف، وربما إخفاقات، لكنها لا تلغي حقيقة أننا نمضي في الطريق الصحيح.
لذلك، دعونا نتوقف عن سعينا لتحقيق المثالية المطلقة، فهي ليست إلا مجرد معيار خيالي، لا يمكن الوصول إليه، ولنركز بدلاً من ذلك على الإنجازات الواقعية التي نحققها، مهما كانت صغيرة، ولنحتفي بما ننجزه، ونمنح أنفسنافرصة للشعور بالرضا والفخر.
في نهاية المطاف، النجاح ليس ذلك الكمال المثالي المطلق، بل في أن نكون واقعيين، وأن نتقبل أنفسنا بكل ما نحمله من تناقضات، وأن نستمر في العمل لتحقيق طموحاتنا. وعند ذلك، سنكتشف أن جمال النجاح يكمن في إنسانيته، وفي قدرته على تجاوز القصور، وتحقيق السعادة والرضا بما أنجزناه.
قال الشاعر:
أيُّهذا الشاكي وما بك داءٌ.. كيف تغدو إذا غدوتَ عليلا
إن شر الجناة في الأرض نفسٌ.. تتوقى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى.. أن ترى فوقها الندى إكليلا
@azmani21