الشد والارخاء إيجابي طالما نتعلم كيف نتعامل معهما، فالعيش بينهما أفضل من شد دائم منهك، أو رخاء مستمر يرخي؛ رغم أن النمط المرغوب عيشه هو الرخاء، فلا أحد يحب لحظات الشدة؛ رغم أن تعاملك معها جيداً يصنع منك شخصاً واعياً ومدركاً لمفاتيح الحياة وتحدياتها.
انتبهت في نهاية هذا العام، اندثار وجود رسائل الاعتذارات عما بدر خلاله ليطووا صفحة، ويفتحوا صفحة أخطاء جديدة للعام القادم، حتى يعتذروا في نهايته! وهلم جرا! قد يكون التهكم في الأعوام الماضية من هذا التصرف آتى بثماره الآن، إلا إن تكبّر المعتادين على الاعتذار، ووجدوا بأنهم على حق في أفعالهم وأقوالهم، فلما يعتذرون!
ما هو الاعتذار؟ هل هي كلمة تبدأ بعد الـ «أنا»، ثم نصف بعدها بعض كلمات متجانسة لتزف الاعتذار للمعنِّي، أم هي عادة لا بد أن تظهر لتسيير الحياة ومن فيها، حتى إن لم تكن مقتنع به! قد يكون الخيارين صحيحة، حسب الحالة والموضوع، وقد لا يُعرَف الجواب لأن هناك من لا يعترف بوجود هذه المفردة من الأساس!
أحياناً موازاة التبرير مع الكلمة يضيع غايتها، وكأنه يحمي نفسه من هذا التنازل الذي يقدمه، لأن احتمالية تلقى الرفض موجودة، فيؤمن على نفسه؛ واحياناً أخرى تقال لفتح باب النقاش، للنقاش وليس للحل!
أنا آسف/ ـة ثم يأتي بعدها النقطة، هي ما يحتاج سماعه البعض، وهو ما يذيب جليدهم أو يطفئ لهيبهم؛ فتجدهم بعد نقطتك يحاورونك بانزعاجٍ هادئ، ويحتاجون في لحظتها إلى انتباه تام وأن يروا الأسف يتجسد أمامهم بالإنصات، وعدم قلب الطاولة عليهم ومجادلتهم.
لا أرى الاعتذار مجدياً أو ذو قيمة، فالأهم هو في عدم تكرار ما ستعتذر منه، لأنه القيمة الأكبر وهو الاعتذار الحقيقي والفعلي عما قمت به؛ فكثرة الاعتذارات سواءً كانت من تكرار نفس الخطأ، أو من اخطاءٍ جديدة، يصنفك بعدم المبالي بما تقوم به؛ وبأن الشخص المعنِّي لا قيمة له عندك؛ فلما سينتظر منك اعتذاراً أو تبريراً أو حتى وجوداً في حياته!
قد يكون الإنصات هو الأصعب في تعلمه وممارسته، ولكنه المفتاح لكثير من الأشياء التي تسعدنا، أو تساهم بذلك.
@2khwater