وتميزت دولة الجبور بنظام سياسي يجمع بين الطابع القبلي والتنظيم الإداري، جاءت فيها القيادة مركزة في يد زعماء بني جبر، الذين حكموا بأسلوب يجمع بين الشورى والسلطة المركزية. اعتمدت على القوة القبلية في الدفاع عن حدودها وحفظ الأمن الداخلي، مع تطبيق نظم إدارية متطورة لإدارة الموارد الاقتصادية والزراعية.
كانت الأحساء والقطيف والبحرين معروفين بزراعة النخيل وإنتاج التمور، إضافة إلى النشاطات التجارية التي شملت تصدير اللؤلؤ والمنتجات الزراعية، كما أن موانئها لعبت دورا رئيسيا في التجارة البحرية، حيث كانت مراكز التقاء للتجارة بين الهند، بلاد فارس، وشرق أفريقيا، كما تأثر الوعي الثقافي العربي والإسلامي أثناء حكمهم بالبيئة العربية والإسلامية، وكانت الأحساء في عهدهم مركزا علميا ودينيا كبير حيث ازدهرت فيها العلوم والآداب، كما ساهمت المساجد والمدارس الدينية بعهدهم في نشر المعرفة وتعزيز الهوية الثقافية والدينية في المنطقة. ولا زال للجبور آثارا تركتها في الأحساء منها بعض قصورهم وهي الآن أطلالا وبعض مساجدها كجامع الجبري الذي بني من قبل سيف بن زامل بن حسين الجبري عام 880 هـ موقفا علية بعض الأوقاف. ومسجد التيمية الذي بني سنة 910 هجري من قبل الجبور ويطلق علية حاليا تيمنا تحت اسم مسجد أبي جمهور الأحسائي.
وكان في عهدهم مواقع ومقر حكمهم تحت ما هو يعرف اليوم بقصر إبراهيم بحي الكوت في الأحساء من أسفل مواقع البناء العثماني القديم والمناطق المحيطة به. ومما هو مشهور أيضا من صور التقطت البئر القديم في قلعة الدمام حيث أشارت مصادر تاريخية إلى أنه كان أساسا لمدينة الدمام وإحدى نقاط حكمهم لحماية الموقع. وأيضا سور الكويت وبلدتها القديمة التي اشتقت من كوت الأحساء اسمها كقلعة مسورة صغيرة باسم الكويت وأصبحت لاحقا تضم أجزاء أوسع منها وكيان سياسي مستقل.
ورغم قوتها في أوجها، واجهت دولة الجبور تحديات وصراعات متعددة أدت إلى انهيارها، والصراعات الداخلية بين زعماء بني جبر على السلطة، والضغط الخارجي من القوى الإقليمية مثل البرتغاليين الذين أتوا المنطقة غازين لها، فهجموا على عمان وما هو الآن بالإمارات من الشارقة وكذلك البحرين كما مع أول والمحرق، وأيضا القطيف ودارين، سالبين بعض ما هو في ممتلكات حكم الجبور في مسعاهم للسيطرة على الخليج العربي. وما أكمل أضعاف حكمهم هو الانقسام الداخلي بين أفراد الأسرة وتقاسمها السلطة والحكم بين المناطق مما أدى إلى إضعافها وإطماع الغازين، فتمكنت القوى الخارجية منها بداية من غزو أحد زعماء البصرة الأحساء بعد الغزو البرتغالي وحتى قدوم الجيوش العثمانية.
وعلى الرغم من انهيارها، تركت دولة الجبور إرثا تاريخيا وثقافيا مهمًا في الجزيرة العربية ساهم في تعزيز الهوية العربية والإسلامية، وشكل مثالا على قدرة القبائل العربية في بناء دول قوية مستقلة أثرت على ما تلاها من أحداث تاريخية.
@SaudAlgosaibi