نحو مستقبل أكثر استدامة .. شواحن الهواتف تتوحد في السعودية بدءاً من الغد
تعرف على الطرق السليمة للتخلص الآمن من النفايات الإلكترونية
مع تطور عالم التكنولوجيا المتسارع في السنوات الأخيرة، أدى إلى تنوع كبير في أنواع الأجهزة الإلكترونية وشواحنها، هذا التنوع تسبب في إرباك المستهلكين وتراكم كميات كبيرة من الشواحن القديمة، مما أثر سلباً على البيئة في خطوة جريئة نحو تبسيط حياة المستخدمين وحماية البيئة.
وأعلنت المملكة العربية السعودية عن قرارها بتوحيد منافذ شحن الهواتف والأجهزة الإلكترونية بدءاً من عام 2025، والذي سيحقق العديد من الإيجابيات منها تسهيل حياة المستخدم.
تقليل النفايات الإلكترونية
وبيّن المختصون خلال حديثهم لـ "اليوم" أن القرار سيقلل من النفايات الالكترونية والحفاظ على البيئة، وتوفير التكاليف بحيث لن يحتاج المستخدم إلى شراء شواحن جديدة باستمرار لكل جهاز جديد، كما سيحفز توحيد الشواحن الشركات على التركيز على تطوير تقنيات الشحن السريع والفعال.
وأضاف: "سيعمل القرار على خفض كمية الاستهلاك المحلي للشواحن وكابلات الشحن الخاصة بالهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية بما يفوق 2.2 مليون وحدة سنويًا، والمساهمة في توفير الإنفاق من المستهلكين في المملكة لما يزيد عن 170 مليون ريال سنويًا، إضافة إلى تحقيق مستهدفات المملكة للاستدامة في قطاع التقنية من خلال خفض النفايات الإلكترونية بما يقارب 15 طن سنويًا".
من جهته بيّن الأستاذ المشارك بقسم علوم البيئة بجامعة الملك عبدالعزيز ورئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم البيئية د . أحمد صمان، الأهمية البيئية للقرار، موضحاً أن قرار توحيد الشواحن في المملكة بحلول عام 2025 سيقلل من النفايات الإلكترونية فالشواحن غير المتوافقة تشكل نسبة كبيرة من النفايات الإلكترونية عالميًا وهذا التوحيد للشواحن يقلل من التخلص المتكرر من الشواحن القديمة، مما يؤدي إلى تقليل النفايات.
وأوضح أنه يقلل الحاجة إلى تصنيع أنواع مختلفة من الشواحن، وبذلك ينخفض استهلاك الموارد الطبيعية مثل المعادن والبلاستيك المستخدم في الإنتاج ويُسهم في خفض انبعاثات الكربون الناتجة عن استخراج وتصنيع المواد، ويسهم القرار في تعزيز ممارسات إعادة التدوير للشواحن القديمة ويُحفز على تطوير منظومات لإعادة استخدام المواد وتصنيع منتجات جديدة من الشواحن المعاد تدويرها.
وأوضح "صمان" أن النفايات الإلكترونية تتكون من مزيج معقد من المواد، بما في ذلك المعادن والبلاستيك والزجاج والمواد الخطرة، إذ توجد معادن مثل الرصاص والزئبق والكادميوم والزرنيخ بتركيزات متفاوتة وتشكل مخاطر بيئية كبيرة يمكن أن تتسرب هذه المعادن الثقيلة إلى التربة والمسطحات المائية، مما يؤدي إلى تلويث النظم البيئية والتأثير على صحة الإنسان.
ولفت إلى أن المخاطر البيئية المرتبطة بالنفايات الإلكترونية تصل إلى ما هو أبعد من المناطق المحيطة مباشرة بمواقع التخلص، ويمكن للمواد السامة المنبعثة من النفايات الإلكترونية أن تنتقل عبر أنظمة المياه، مما يؤدي إلى تلويث مصادر مياه الشرب والتأثير على الحياة المائية. يمكن أن يؤدي ترشيح المعادن الثقيلة في التربة إلى تدهور التربة وإعاقة الإنتاجية الزراعية.
احذروا التعامل مع النفايات الإلكترونية
وحذر "صمان" من التعامل غير السليم مع النفايات الإلكترونية والتخلص غير الآمن بيئياً مخاطر صحية لكل من العمال المشاركين في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والمجتمعات التي تعيش بالقرب من مواقع التخلص. حيث أن التعرض للمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق إلى مشاكل صحية مختلفة، بما في ذلك التلف للجهاز العصبي ومشاكل النمو وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وأوضحأنخ يمكن أن يتسبب استنشاق الأبخرة السامة أثناء حرق أو صهر النفايات الإلكترونية في حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي ومضاعفات صحية أخرى. كما أن الأطفال معرضون بشكل خاص لآثار التعرض للمعادن الثقيلة، والتي يمكن أن تؤثر على نموهم المعرفي ورفاهيتهم بشكل عام بسبب التعامل المباشر غير الآمن مع البطاريات والأجهزة الالكترونية التالفة.
وأشار صمان إلى أنه ومن أجل التخلص الآمن من النفايات الإلكترونية يجب أن يكون هناك نشر للوعي بين أفراد المجتمع حول الآثار البيئية والصحية للمخلفات الإلكترونية لتعزيز السلوك المسؤول.
وأكمل: "من خلال فهم الآثار المترتبة على التخلص غير السليم، يمكن للأفراد اتخاذ خيارات إيجابية وكذلك دعمهم لممارسات إدارة النفايات الإلكترونية المستدامة ، ويعد الجمع والفرز المناسبان للنفايات الإلكترونية أمرا ضروريا لإعادة التدوير بشكل آمن وفعال يمكن أن يؤدي إنشاء مراكز مخصصة ووجود شركات معنية لجمع النفايات وضمان الفصل السليم للنفايات من المصدر إلى تقليل المخاطر البيئية والصحية المرتبطة بالتخلص من النفايات الإلكترونية بشكل كبير ، واستثمار الإدارات والجهات المسؤولة عن إدارة النفايات ومن ضمنها الالكترونية في بنية تحتية قوية لإعادة التدوير وتعزيز تقنيات إعادة التدوير الصديقة للبيئة".
خفض البصمة الكربونية
وأضاف صمان أن الأهمية البيئة أيضاً تظهر في خفض البصمة الكربونية والتي تنتج من تقليل تصنيع ونقل شواحن متنوعة مما يساهم في خفض انبعاثات الكربون من الصناعات والنقل وتقليل الاعتماد على الشحنات الدولية لاستيراد أنواع مختلفة من الشواحن، ويعكس القرار أهمية تبني استراتيجيات صديقة للبيئة في قطاع التكنولوجيا ويُلهم الشركات والمستهلكين لتبني ممارسات أكثر استدامة ، مؤكداً ان توحيد الشواحن خطوة نحو تحقيق الاستدامة البيئية وتقليل الأثر السلبي للتكنولوجيا على البيئة و يعزز رؤية المملكة في الحفاظ على الموارد الطبيعية ودعم المبادرات البيئية مثل مبادرة السعودية الخضراء.
فيما قال الباحث التقني مؤيد الشميري إن قرار توحيد الشواحن في المملكة العربية السعودية مع بداية عام 2025 له
تجربة أكثر سهولة
وتابع الشميري ان من المميزات للتطبيق القرار هو توحيد الابتكار والتصنيع وتوحيد الجهود لتطوير تقنيات شحن أكثر تطورًا ، كما ان ذلك يقلل من التعقيد الناتج عن اختلاف الشواحن، مما يجعل تجربة المستخدم أكثر سهولة وراحة، ويمنح المستخدمين مرونة أكبر في استخدام شاحن واحد لأجهزة متعددة، ومن المحاسن هو ان القرار قد يؤدي إلى تطوير تقنيات شحن لاسلكي متقدمة وتقليل الاعتماد على الكابلات، ويدفع الشركات نحو تحسين كفاءة البطاريات وتقنيات إدارة الطاقة، وكل هذه المميزات تضع المملكة في طليعة الدول التي تتبنى معايير تقنية عالمية ويفتح الباب أمام تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية التي تتبنى هذه المعايير.
وكانت قد أعلنت الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية عن المراحل الإلزامية لتوحيد منافذ الشحن للهواتف المتنقلة والأجهزة الإلكترونية في السوق السعودي، حيث من المقرر ابتداءً من عام 2025 إلزام الشركات والموردين بتوحيد أنواع منافذ الشحن لتكون من نوع "USB Type-C".
وأشار "الشميري" إلى أن هناك مرحلتين للتنفيذ وستكون البداية من الأول من يناير 2025 وتشمل الهواتف المتنقلة والأجهزة اللوحية والكاميرات الرقمية وغيرها، وستبدأ المرحلة الثانية في الأول من أبريل 2026 وتشمل أجهزة الحاسب الآلي المحمولة.
وكان قد أيد العديد من المختصين في التقنية عن أهمية ذلك موضحين ان اهم الآثار المتوقعة لقرار التوحيد هي زيادة الوعي البيئي وتقليل النفايات الإلكترونية، وتحسين تجربة المستخدم حيث سيوفر القرار على المستخدمين الوقت والجهد، وسيحسن تجربتهم بشكل عام، كما سيدعم الاقتصاد الوطني وذلك من خلال تنشيط السوق المحلي وتشجيع الاستثمار في مجال التكنولوجيا، معتبرين أن قرار توحيد شواحن الهواتف في المملكة العربية السعودية خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة، وبأنه سيساهم في تحسين حياة المواطنين وحماية البيئة، وسيعزز مكانة المملكة كرائدة في مجال التكنولوجيا.