مؤخرًا، أعلنت وزارة الصحة عن إنشاء وحدة «متابعة صوت المستفيد» كإحدى مبادراتها لتعزيز جودة الخدمات الصحية. ورغم أهمية هذه الخطوة في تمكين المستفيدين، يبقى السؤال حول شمول هذه الوحدة لكافة الأطراف، بما في ذلك الموظفون والممارسون الصحيون، الذين يشكلون الدعامة الأساسية لتحقيق الأهداف التشغيلية والتنظيمية.
في ظل تركيز الوزارة على تحسين تجربة المرضى، يتحمل الممارسون الصحيون مسؤوليات متعددة تشمل تنفيذ التوجيهات، تقديم الخدمات، والتعامل مع شكاوى المرضى. هذا الضغط الكبير قد يؤدي إلى احتراق وظيفي يؤثر على جودة الأداء ويزيد من أخطاء النظام الصحي. هنا، تبرز أهمية إشراك الموظفين في عملية التطوير، عبر قنوات مؤسسية تُعنى بملاحظاتهم ومقترحاتهم، وتحمي حقوقهم الفكرية عند تقديم ابتكارات أو حلول تسهم في تحسين العمليات.
دول مثل بريطانيا والسويد قدمت نماذج ملهمة في هذا المجال:
في بريطانيا، تعتمد هيئة الخدمات الصحية الوطنية «NHS» لجانًا مستقلة للتعامل مع شكاوى المرضى، مع حماية الموظفين من الشكاوى الكيدية.
في السويد، يتم تمكين الموظفين لتقديم اقتراحات ابتكارية مع توفير حوافز تدعم الابتكار وتحسين بيئة العمل، ما ساهم في خفض التكاليف التشغيلية وتحسين الكفاءة.
مع انتقال الجانب التنفيذي إلى الشركات التشغيلية، أصبح من الضروري أن تعزز الوزارة دورها التنظيمي لضمان تحقيق التوازن بين حقوق المرضى والممارسين، من خلال:
1. إطلاق منصات شاملة لصوت المستفيد والموظف: توفر قنوات رسمية لتلقي شكاوى المرضى والممارسين ومتابعتها بشكل منهجي.
2. تعزيز الحوكمة التنظيمية: وضع سياسات واضحة تدعم علاقة متوازنة بين المرضى والممارسين الصحيين.
3. إطلاق لجان متخصصة: تتولى تحليل الشكاوى الشائعة ووضع حلول منهجية مستدامة.
الأثر المتوقع على الجودة والاستدامة
تحسين بيئة العمل يعزز رضا الموظفين ويقلل من الاحتراق الوظيفي، مما ينعكس إيجابًا على الأداء.
الابتكارات المقدمة من الممارسين قد تسهم في تطوير الخدمات الصحية، وخفض التكاليف والهدر.
تحقيق منظومة صحية متوازنة تُدار بشكل شفاف يعزز الثقة بين المرضى والقطاع الصحي.
ختامًا:
إن استحداث وحدة «متابعة صوت المستفيد» يمثل خطوة محورية في التحول الصحي الوطني. ومع ذلك، فإن تعزيز فعالية الوحدة من خلال شمول صوت الموظفين والممارسين الصحيين سيكون له دور كبير في بناء منظومة صحية متكاملة ومستدامة. إن الاستثمار في هذه العلاقة التشاركية بين المريض والموظف والوزارة سيُسهم في تحقيق الأهداف الوطنية، وترسيخ مبادئ الجودة التي تتطلع إليها رؤية المملكة 2030.
استشاري طبيب أسرة ومتخصص في إدارة الأنظمة الصحية والجودة
@DrLalibrahim