محيط الدول العربية يعيش هذا التحدي بشكل مُلفت، وتؤثر تلك التحديات بشكل كبير على حياة الملايين من الأفراد في العالم العربي، وتتسبب في هجرة العقول والمواهب بشكل كبير، ولذلك يعتبر هذا الموضوع مهم جداً لتبنيه إقليمياً ووضع سياسات واستراتيجيات تهدف إلى التعامل مع هذه الأوضاع بشكل فعال، وينبغي على المجتمع الدولي أيضاً تكثيف جهوده للتعامل مع هذه التحديات والحد من تداعياتها.
هناك فرق بين هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية وبين هجرة الأفراد بسبب الحروب، ولتوضيح الفرق بينهم بشكل مختصر؛ يُعتبر تغير المناخ أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى ظاهرة هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية، منها على سبيل المثال «الارتفاع في درجات الحرارة، وزيادة تكرار الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والجفاف وتدهور البيئة»، مما يؤدي لترك الأفراد لمنازلهم ومناطقهم والهجرة نحو مناطق أخرى أكثر استقراراً للعيش فيها.
أما بالنسبة لهجرة الأفراد بسبب الحروب، فنجد أن النزاعات المستمرة في بعض المناطق من العالم العربي هي السبب الرئيسي لترك الأفراد منازلهم ومناطقهم والبحث عن مناطق أكثر استقراراً، فتلك الحروب والصراعات تخلف دمارًا هائلًا وتؤدي إلى نزوح السكان داخليًا وخارجيًا بشكل كبير، مما يزيد من أعباء اللاجئين والمهاجرين.
السؤال المهم؛ هل هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية تعتبر أخطر من هجرة الأفراد بسبب الحروب؟ أم العكس؟، وكوجهة نظر شخصية فأنا اتفق مع خطورة الحالتين وتأثيرهم الكبير على الأفراد، ولكن أميل لمقولة أن هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية تعتبر أكثر خطورة من الهجرة بسبب الحروب، وذلك لثلاثة عوامل رئيسية.
العامل الأول، حالة الحروب تكون مؤقتة وتقتصر على مناطق محددة، بينما التأثيرات الناجمة عن التغيرات المناخية قد تمتد على نطاق أوسع، وتؤثر بشكل أكبر على عدة دول، والعامل الثاني؛ الحروب قد تنتج عنها دمار فوري ولكن ليس بالضرورة تدمير البيئة بشكل دائم، بالمقابل التغيرات المناخية تسبب تدهوراً كبيراً في البيئة ونقصاً في الموارد الطبيعية، أما بالنسبة للعامل الثالث؛ ففي حالات الحروب يكون هناك تفاعل دولي أكبر وجهود إنسانية لتقديم المساعدة، أما الهجرة بسبب التغيرات المناخية قد تواجه الحكومات صعوبات في تحديد المسؤوليات وتقديم الدعم اللازم للمهاجرين.
هناك عدة حلول عاجلة للحد من ظاهرة هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية وتخفيف تأثيرها السلبي، وأهم تلك الحلول العمل على تطبيق استراتيجيات التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، والاستثمار في تحسين ادارة الموارد الطبيعية، وزيادة الوعي بأهمية التغيرات المناخية وتبني الأفراد والمنظمات لممارسات وسلوكيات صديقة للبيئة.
أحد الاستراتيجيات والمبادرات المميزة في هذا الجانب نجدها في التجربة السعودية، فمنذ إطلاق رؤية المملكة نجد هناك خطوات حثيثة لبناء مستقبل أكثر استدامة من خلال مبادرة السعودية الخضراء، لتعزيز جهود حماية البيئة وتسريع رحلة انتقال الطاقة وبرامج الاستدامة لتحقيق أهدافها الشاملة في مجال تعويض وتقليل الانبعاثات الكربونية، وزيادة أعمال التشجير واستصلاح الأراضي وحماية المناطق البرية والبحرية في المملكة.
ختاماً؛ أتمنى أن يكون هذا الموضوع محل اهتمام أكبر من المجتمع الدولي، والعمل بشكل جماعي للتصدي للتحديات التي تتسبب في هجرة الأفراد بسبب التغيرات المناخية.
مستشار موارد بشرية