لقد انعقد اجتماع اتحاد الموانىء العربية في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، الذي هو واحد من احدث الموانىء العربية تجهيزا، ونضع تخطيط الميناء الهندسي في مستوى مرتفع قياسا الى موانىء كثيرة في العالم.
وقد مرت اخبار هذا الاجتماع تماما كما تنخطف في الانباء تغطية الزيارات الروتينية او المؤتمرات والاجتماعات المتكررة في اكثر من تجمع عربي ينعقد ثم يمضي كلمعة في الظلام.
كان من الممكن دعوة الصحفيين والمحررين المتخصصين في الموانىء والنقل البحري لتغطية هذا التفاعل المينائي العربي ليطلع عليه مجتمع الموانىء في الداخل والخارج حتى لا يمر فقط في الجرائد اليومية التي تكتفي بنقل الاخبار بدون التمهل فيما وراء الخبر مادام ليس سياسيا او اجتماعيا او ما يهتم له القارىء العام. الموانىء صناعة متخصصة جدا وبالتالي الذي تهمه اخبار الموانىء هي الجهات المتخصصة ايضا. على اننا لا نتحسر هنا على لبن مسكوب لان الاجتماع تم بنجاح مأمول ولقد اخرج بمظهر احترافي ننسب فيه الفضل باجتهاد واضح لادارة الميناء.
لم نعرف المواضيع التي تم الاتفاق عليها في التعاون التجاري وبالذات المتعلقة بالتبادلات الحركية في النقل البحري بحكم الاسواق والمواقع الجغرافية وقدرات كل ميناء. فالتبادل المعرفي فقط لن يكون في رأيي مجديا فيما يخص العملية التطويرية بما ان هذه المعرفة ما زالت مرتبطة بالعالم المتقدم، ومن الممكن نهله في التبادلات مع الموانىء والهيئات التطويرية العالمية وفي المؤتمرات والمنتديات التي يشارك بها المختصون والخبراء والناقلون والمنتفعون. يهمنا ما تستفيد منه الموانىء بشكل عام في النواحي ا لتجارية والاستغلال الافضل للموانىء من حيث المواقع والطبيعة والقدرات وتولي الموانىء مهمات عن بعضها لتخفيض التكلفة والتطوير والمساندة بالتشغيل.
لاشك ان في ميناء الدمام تجهيزات اساسية ممتازة وهي بعد قابلة لاستغلال اكثر ودليلنا حوض اصلاح السفن الذي بقي سنينا تمارس فيه مهمات الاصلاح والصيانة ولما توافرت لشركة الزامل للصيانة والتشغيل الارادة لصنع سفينة في الحوض وجدت ان التجهيزات مناسبة لذلك. فخرجت من ميناء الدمام اول سفينة سعودية وكان تدشينها فتحا فلسفيا جديدا لصناعة الموانىء في المملكة او ان هذا ما يجب ان يكون ويطور. هذه تماما المدرسة الفلسفية التي اعتمدتها موانىء فعالة في العالم مثل سنغافورة وهونغ كونغ ودبي. مدرسة تطويرية تعتمد المرونة والنظرة المستقبلية والتمويل المباشر لتغطية العمل التوسعي التشغيلي والتجاري، وفي الموانىء السعودية مدرسة فلسفية خاصة بدأت في البزوغ لتدير مشروعا تنمويا كبيرا من خلال اجتماعات الموانىء العربية والتطلع للاستخدامات القصوى مما تملكه الموانىء السعودية عقولا وتجهيزات ومواقع واسواقا.. وعالم الموانىء مفتوح.. باتساع البحار.