صحيح ان الانقسام بين الدول الاوروبية وارد لاسيما عندما ظهرت اشكاله البارزة والعنيفة اثناء مناقشة الازمة العراقية من خلال استعراض تقريري بليكس والبرادعي الاخيرين في مجلس الامن, غير ان قمة بروكسل وضعت النقاط فوق الحروف حيال ذلك التباين في وجهات النظر, لاسيما بين وجهتي النظر الفرنسية والامريكية, وقد تمكنت تلك القمة بالفعل من تجاوز خلافاتها والارتفاع عليها, بما يقطع الطريق امام القيادة العراقية بامكانية استثمار تلك الخلافات لانها اضحت معدومة تماما بما فيها الخلاف بين بريطانيا من جهة وفرنسا والمانيا من جهة ثانية, وانحسار تلك الخلافات يمثل رسالة واضحة للقيادة العراقية بأهمية الانصياع لفحوى القرار الاممي 1441 بكل تفاصيله وجزئياته حتى تتمكن من نزع فتائل الحرب القابلة للاشتعال ان نفد صبر المفتشين الدوليين, ونفد صبر الدول الكبرى بمجلس الامن التي اكدت بالاجماع في قمة بروكسل الطارئة ان المهمة التفتيشية لن تدوم طويلا, ولابد من حسمها بالسرعة الملائمة, ويقتضي ذلك بطبيعة الحال ابداء المرونة الكافية من جانب القيادة العراقية, فان كانت الحرب غير حتمية فان ذلك لا يجوز تفسيره على ان مهمة المفتشين قد تستمر طويلا, بما يستدعي من القيادة العراقية بذل مزيد من التعاون لتسوية الازمة سلما, فليس من مصلحتها ومصلحة دول المنطقة مجتمعة نشوب حرب جديدة, ولا يمكن التكهن حقيقة بأن التدخل العسكري وان كان منفردا غير وارد ان كانت جدية العراق في تعاملها مع المفتشين الدوليين غير واضحة المعالم, ويبدو ان التوقيت الزمني للمرحلة القادمة من التفتيش لابد ان يتخذ لحسم الازمة بالسرعة الممكنة, غير ان تبرئة النظام العراقي من قبل مجلس الامن ان اعلنت فانها غير كافية كما تؤكده الاحداث السياسية على الساحة, فالولايات المتحدة ترى ان ابعاد القيادة الحالية عن العراق هو السبيل المأمون لتسوية الازمة, غير ان هذه الرؤية لابد ان تخضع لمقياس اممي, فليس من المنطق ما يبرر التدخل العسكري لتغيير نظام داخلي في أي دولة من الدول, فتلك سابقة خطيرة غير منسجمة مع الشرعية الدولية, ورغم ذلك فان ما يبدو طافيا على السطح هو ان فكرة رفض الحرب تتسع رقعتها يوما بعد يوم, غير ان ذلك لا يعني ان الحرب غير ماثلة للعيان ايضا.