ان قرار الحرب من أصعب القرارات التي يمكن ان تتخذها في العالم, وتعلم الإدارة الأمريكية جيدا ان تكاليف هذه الحرب سوف تجر عليها الخراب على مدار عقود قادمة فتكاليف هذه الحرب تقدرها الإدارة الأمريكية بـ1924 مليار دولار, وان ما يقرب من 12 ألف جندي أمريكي ربما يلقون حتفهم في حرب المدن رغم التدريب الذي تلقاه الجنود في العديد من معسكرات التدريب, ناهيك عن تكاليف إعمار العراق بعد الضربة وهذا في حد ذاته مأزق يعرض الإدارة الأمريكية للسقوط, هذا فضلا عن ان هذه الحرب تختلف عن حرب تحرير الكويت, ففي الأولى كان الهدف منها تحرير الكويت ولذا لم يستخدم صدام أسلحة الدمار الشامل التي كان يمتلكها, اما الهدف من هذه الحرب فهو إسقاط النظام العراقي نفسه, ولهذا فمن المتوقع جدا ان يتخذ صدام حسين سياسة الأرض المحروقة بحيث لا يبقي على أي شيء في العراق يمكن الاستفادة منه حتى الشجر والحجر, ولذا فهي لا تأمل ان تخوض غمار حرب تذكرها بالمأزق الفيتنامي, وستجر عليها حق شعوب العالم كله, لانها البادئة بالعدوان ولكن في نفس الوقت فعودة هذه القوات من حيث أتت بدون ان تحقق الأهداف المرجوة التي جاءت من أجلها هي بمثابة انتحار سياسي لهذه الإدارة وستتعرض أيضا للمساءلة والسقوط الذريع بل وضياع هيبتها من وجهة نظرها على الأقل, ولهذا تسعى وتأمل الولايات المتحدة في ان يغادر الرئيس العراقي البلاد ويترك سدة الحكم لتجنيب العالم والإدارة الأمريكية والشعوب مخاطر الحرب, بل ربما تسعى بأية طريقة من الطرق المشروعة او غير المشروعة, سواء بالمفاوضات السرية او المعلنة على ان يرحل صدام حسين مع ضمان عدم ملاحقته قانونيا كمجرم حرب مستقبلا, فهل يقبل الرئيس العراقي هذا الحل؟ لقد وقعت الولايات المتحدة في مأزق حقيقي يصعب معه التراجع عن الأهداف المرسومة والمحددة بدقة, فلا هي تستطيع تجنب الخسارة وضمان سلامة قواتها وهي ترى الحلفاء يبتعدون عن دعمها المادي والمعنوي ويستنكرون نظرتها العدوانية, ولا هي تستطيع ان تنسحب في هدوء لان في انسحابها جرح لكبريائها بعد ان استشعرت مدى ما تشعر به شعوب العالم من مرارة تجاه سياساتها, وفي نفس الوقت ظهور العراق في نظر الرأي العام العالمي والشعوب المحبة للسلام أكثر امتثالا ورغبة في التعاون مع الأمم المتحدة.