أتعاون مع العديد من الجمعيات الاسلامية واجد لديهم مشاريع ممتازة ومنظمة للعمل الخيري تدل على طول خبرة وتراكم تجاربي رائع في هذا المجال.
والمجتمع البحريني استفاد كثيرا من هذه المشاريع، فبالاضافة للمساعدات المعيشية توجد لدى تلك الجمعيات مشاريع دراسية جامعية وغير جامعية، ولديهم مشاريع علاجية، ولديهم مشاريع لترميم البيوت الآيلة للسقوط، ولديهم مشاريع ساهمت في زيادة اللحمة الاجتماعية كالاستشارات الزوجية او مكافحة المخدرات أو حتى من خلال تلك الصالات المخصصة للمناسبات.
كما ان تلك الجمعيات طورت اداءها كثيرا مستفيدة من دول اخرى سبقتها، فهناك الحسابات المصرفية الخاصة لكل مشروع، وهناك المطبوعات التي تسهل للمتبرعين تحديد نوعية المشروع الذي يريدون المساهمة فيه، وهناك طرق واساليب ميسرة للدفع كالاقتطاع الدوري من الحسابات المصرفية، وهناك مشاريع الوقف الخيرية، ومشاريعهم التي يسرت على المؤمنين تأدية العديد من فرائضهم ونوافلهم كصلاة العيد وأضحية العيد وزكاة الفطر وغيرها مما كان له اليد الطولى في بقاء أسر وافراد مستورين في بيوتهم في غنى عن الحاجة والعوز، ويكفي ان تراهم في حملات الحج كيف يقومون على خدمة ضيوف الرحمن بتلك الروح السمحة الطيبة وكأن الضيوف في بيوتهم و(بياض الوجه) مسئوليتهم الشخصية، ومقارنة بأي مؤسسات خيرية اخرى تجد مساهماتهم في العمل التطوعي تأتي دوما في المقدمة خاصة ان القائمين على تلك المشاريع شباب متحمس لكسب الاجر والثواب، يملك الطاقة والحيوية والنية والارادة، المقصد ان هؤلاء ابناء تيار وفكر اسلامي ينضوون تحت مؤسسات أهلية توظف هذا الحماس الديني توظيفا جيدا وتستثمر هذه الطاقة استثمارا في محله ويلقون من جميع فئات مجتمعهم كل المودة والاحترام والتقدير لتلك الاعمال فجزاهم الله كل خير عليها، وهنا في هذه المنطقة من عملهم تحديدا لا تجد اي صدام بينهم مع اي جهة في المجتمع، انما تتقاطع الخطوط بينهم وبين الاخرين في مناطق عمل اخرى غير منطقة العمل الخيري كمنطقة (الفكر الديني والممارسة) اي حين يعتقد منتمو تلك الجمعيات ان مسئوليتهم تطال (تغيير) فكر الاخرين دينيا وسياسيا واجتماعيا و(تغيير) ممارستهم، هنا تظهر المسافة الفاصلة بينهم وبين اصحاب اي فكر آخر حتى وان كان هذا الفكر الاخر فكرا دينيا ايضا!! وتزداد المشكلة وتتأصل حين يزكي بعض القائمين على العمل الخيري نفسه فكريا على غيره فالامر التبس عليه خاصة وهو يرى غالبية من افراد مجتمعنا من البسطاء وحسني النية يخلطون بين حسنات تلك الاعمال واجرها وثوابها وبين الاتجاهات الفكرية لاصحابها، مما يجعل هؤلاء الناس يرفعون من قدر القائمين على العمل الخيري فكريا كما زكوهم بالاخلاق والسمعة الحسنة (وهي كذلك ان شاء الله) من هنا بدأت المشكلة الصدامية مع باقي افراد المجتمع حين اقنع الشاب القائم على خدمة الناس نفسه بان ما يراه ويؤمن به هو الرؤية الوحيدة الصحيحة وما عداها غير ذلك، بل واضفى القدسية على تلك الآراء وتلك الممارسة وما عداها هو دون ذلك، حتى وان تم نفي ذلك بالاستشهاد بالنص القرآني وبالحديث الشريف، فذلك لا ينفي وجود الشواهد الحية على تلك الممارسات التي يلمسها كل من خالف وتجرأ على نقاش هذا الفكر. نصيحتي للقائمين على الجمعيات الخيرية الاسلامية ان أرادوا خيرا لاوطانهم ان يربوا ابناءهم المنتمين لجمعياتهم بالاضافة للعمل الخيري الذي يشكرون عليه على التواضع في الرأي، وعلى الايمان بتعددية الاجتهادات، وعلى السماحة واللين وحسن الاصغاء، فهم ليسوا علماء فتوى وليسوا دعاة شرعيين، ما هم سوى شباب متحمس صحيح ان لهم الحق في التعبير ولهم الحق في النقاش ولهم الحق في الجدل من أجل ان تثرى الساحة الفكرية بكل اجتهاد مثلهم مثل غيرهم من الناس من كل اتجاه، انما تدريبهم وتمرينهم وتعليمهم بانهم هم وغيرهم على قدم المساواة في العلم والمعرفة فلا يزكون انفسهم على غيرهم ويتواضعون لله، ولا تقولوا ان البعض من الانفس جبلت على الغرور وعلى الكبر لتخلوا انفسكم من المسئولية. * كاتبة بحرينية