في حساب الخبراء والمحللين السياسيين ان العد التنازلي لساعة إعلان الحرب قد بدأ ، وان الجدل الدائر بين الإدارة الأمريكية والتيار الأوروبي المعارض هو خلاف حول التكتيك وليس خلافا حول الاستراتيجية فالكل مجمع على ان العراق بنظامه الحالي يمثل خطرا على شعبه وعلى من حوله ويتفق الجميع ان الالتزام بقرار الأمم المتحدة 1441 مطلب مصيري فامتثال العراق لكل ماجاء في حذافير القرار بكل حيثياته ينقذ المنطقة ويضمن للعراق السلام ويؤمن للعالم تجنب اهوال الحرب وهذا يعني ان اي طعن في كفاية التسهيلات التي يقدمها العراق للمفتشين يؤدي الى الاخلال بالتزام العراق بالقرار 1441 ومابين الحكم بالايجاب والسلب تشخص أبصار العالم وتقف المنطقة على حافة بركان متأرجح ويشتد الجدل, وتنقسم الاراء, وتنشق الصفوف ويقع المواطن العربي فريسة للإعلام الرزين والاهوج.
اما زال العراق يمتلك أسلحة دمار شامل؟ بعد هذه الشهور الطويلة من التفتيش تأتي التقارير المتوالية لتقر بان عدم الوقوف على تلك الأسلحة ومعرفة مخابئها لاينفي وجودها. وهذا في نظر الادارة الامريكية كاف للتدليل على ان العراق لم يلتزم وانه دليل يضاف الى كل الادلة التي يسوقونها لتسويغ استخدام القوة بل ان مستشارة الرئاسة الامريكية لشؤون الأمن القومي كوندوليزا رايس ترى ان الولايات المتحدة لا تحتاج الى موافقة مجلس الأمن لاتخاذ قرار الحرب ذلك ان الولايات المتحدة في موقف الدفاع عن النفس (ياعيني ضعيفة هالولايات المتحدة) فهي اما ان تتفرد بالعالم وتطيح به يمينا ويسارا والا فمن يرى رأيا آخر وله حساباته والتزاماته فهو ارهابي ويهددها وهي في حالة دفاع عن النفس وعن مصالحها, ولها من حقها ان تقص وتلزق على هواها وتعيد رسم خارطة الكرة الأرضية كلها وتقسم حصص الحياة على الشعوب فهي الوصية المكلفة. والعجب ان يصرح الرئيس بوش بان خيار الضرب بالسلاح النووي خيار مطروح والتناقض واضح صريح بوقاحة مايحتجون به فما يحاربون بسببه هو مايعلنون انهم سيحاربون به.
لا احد تضرر من النظام العراقي كما تضررت منطقتنا والذين جربوا ويلات الحروب يتدارسون كل الخيارات ويرفضون ان تكون الحرب هي الخيار الوحيد فالحرب دمار شامل ولا يعني رفض الحرب عدم الوعي بخطورة الوضع لكن هذه المنطقة اعتادت على السلام والاستقرار ودخلت في طور التنمية المستقبلية وخطط الاصلاح وبناء الانسان ونعي تماما ان من مصلحة العدو الاسرائيلي ان تحبط كل الطموحات العربية في اعادة القوة العربية الى مسارها الصحيح وأولها بناء المواطن العربي نفسيا وعلميا واجتماعيا ولا شيء يعرقل ذلك ويشغل المنطقة ويشعلها بالحروب الا اختراع الفتن وشق الصفوف ولو كان القول بنظرية المؤامرة مرضا مزمنا فما نواجه به كل يوم يجعل ذلك حقيقة لامراء فيها.
ان شعوبنا وحكوماتنا لا تنادي بالحرب ولا يمكن ان تكون الحرب هي الخيار الاوحد فلم لا يكون التركيز على الاطاحة بصدام حسين ونظامه بطرق اخرى؟ لقد أشعلت أمريكا الحروب في مناطق كثيرة من العالم فهل حصلت تلك المناطق على الاستقرار؟ وهل تحقق للولايات المتحدة القضاء على الارهاب؟ لقد اصبح الإرهاب البعبع الذي تخرجه للعالم ولا نملك الا الدعاء.