من المعروف أننا في عصر رغم تطوره تقنياً وعلميا ومعرفياً وثقافياً ، إلا أنه عصر قد ازداد فيه انتشار الكثير من الأمراض التي أطلق عليها أمراض العصر لكثرة انتشارها بين شريحة كبيرة في معظم دول العالم من أقصاه لأدناه ومنها الأمراض المزمنة ابتداء من مرض السكر وارتفاع ضغط الدم ونسبة الكولسترول في الدم وأمراض القلب ، وانتهاءً بالأورام بنوعيها الحميدة والخبيثة .
وتجاه هذا الهجوم الشرس من هذه الأمراض كان لابد من البحث عن الدواء الفعال الذي يقي العالم من شرورها ويحمي سكانه منها سواء عن طريق إيجاد طرق الوقاية الصحيحة، أو اكتشاف العلاج الشافي بعد قدرة الله سبحانه وتعالى وتوفيقه .
ولما كان الغذاء ونوعيته يبدأ من عنده العلاج بدليل اعتماد استقرار الكثير من الأمراض وشفائها على اتباع الحمية الغذائية بدأت النظرة إليه كمصدر للوقاية أو العلاج ، ومن ذلك تقسيمه إلى أغذية عضوية وغير عضوية وتفضيل النوع الأول على الثاني لأنه طبيعي وخال من الكيماويات .
فقد وجد أنه تستطيع منتجات الأغذية العضوية والطبيعية أن تلعب دوراً حيوياً في الحد من أمراض العصر في الشرق الأوسط. ووفقاً للخبراء، تعد أمراض السمنة وارتفاع ضغط الدم والاضطرابات القلبية والسكري من أكبر المخاطر الصحية التي تواجه أبناء العالم العربي، وتحتوي الأغذية العضوية علي مضادات للأكسدة بنسبة 40% أكثر من أنواع الأغذية الأخرى حسب الدراسة التي أجريت بتمويل من الاتحاد الأوروبي واستغرقت أربع سنوات، وقد تم إثباتها علمياً مؤخراً في إطار الحد من مخاطر السرطان وأمراض القلب المختلفة.
المملكة :
من جهة أخرى كشف خبير زراعي أن حجم الاستثمارات السعودية في قطاع المنتجات العضوية بلغ قرابة المليار ريال (نحو 267 مليون دولار)، مفصحاً بأن المساحة الإجمالية للمزارع العضوية المعتمدة، التي تحت الإجراء في السعودية تقدر بحوالي 30 ألف هكتار حتى الآن.
وأوضح الدكتور سعد بن عبدالله خليل، المستشار المحلي لمشروع الزراعة العضوية أن شركة «الوطنية الزراعية» تسيطر وحدها على حوالي 70 بالمائة من مجمل هذه الاستثمارات، وأفاد بأن حجم التجارة العالمي في المنتجات العضوية من المتوقع أن يصل إلى 100 مليار دولار خلال العشر سنوات المقبلة.
وأكد الدكتور خليل على النمو المتسارع لقطاع المنتجات العضوية السعودية، بعد قناعة الشركات الزراعية الكبرى بممارسة هذا النشاط، وأفصح عن أنه من المنتظر أن يكون للمزارع التي يؤهلها المشروع حالياً، والبالغة 20 مزرعة إرشادية، أثر كبير في تنمية هذه الاستثمارات بين صغار المزارعين، ومساعدتهم على الخروج من المنافسة الشديدة في الأسواق المحلية والعالمية.
وكشف الدكتور خليل أن مشروع الزراعة العضوية، القائم بالتعاون بين وزارة الزراعة في المملكة والمؤسسة الألمانية للتعاون الفني GTZ)) من ضمن خططه إطلاق حملة توعوية على المستوى الوطني تشمل المنتجين والمستهلكين، وتهدف إلى التوعية بالفوائد الصحية للمنتجات العضوية، وأفاد بأنه من المخطط إطلاق الحملة في عام 2010م .
لا وجود للاختلافات
إلا أنه وتجاه ما سبق وجدت دراسة علمية بريطانية حديثة أن نسبة العناصر الغذائية والفوائد الصحية في الأطعمة العضوية لا تفوق نسبتها في الأطعمة التي استخدمت في زراعتها مواد كيميائية كما هو معتقد.
وأوضحت الدراسة التي أعدها باحثون في كلية لندن للعلوم الصحية وطب المناطق الحارة ونشرت نتائجها في إحدى الدوريات العلمية انه لا توجد اختلافات كبيرة بين الأطعمة العضوية وتلك المنتجة بالشكل التقليدي.
وأفاد المشرف على الدراسة وفريق البحث الدكتور الان دانغور بأنهم قد وجدوا اختلافات طفيفة بين المحاصيل المزروعة عضويا وتلك المزروعة بالشكل التقليدي مستبعدا أن يكون لتلك الاختلافات أية فوائد تذكر على الصحة العامة.
وتابع دانغور «إن نتائج أبحاثنا تدل على انه ما من دليل على أن تناول الأغذية العضوية أكثر فائدة فيما يتعلق بالقيمة الغذائية».
ويلاحظ في الآونة الأخيرة الإقبال المتزايد على تناول الأغذية العضوية الخالية من المركبات المضافة والمواد الكيمائية المستخدمة في الأسمدة والمبيدات. وهي غالبا ما تكون مرتفعة في أسعارها نظرا لارتفاع كلفة إنتاجها وندرتها، حتى أضحت في بعض الدول غذاء الميسورين.
وتهدد نتائج الدراسة التي أعدت بموافقة إدارة معايير الأغذية في بريطانيا مستقبل منتجي الأغذية العضوية حيث إنها تعد ضربة لجهود المنتجين لإقناع المستهلكين بفوائد الأطعمة العضوية.
غير أن المدافعين عن تناول الأطعمة العضوية أشاروا إلى فوائد أخرى للاطعة العضوية خاصة فيما يتعلق بحماية البيئة. ويقول اندرو لي المسؤول في إدارة التنمية المستدامة «إن الزراعة العضوية تسهم بشكل أساسي في حماية البيئة من الملوثات، عبر استخدام الأسمدة الناتجة عن المخلفات النباتية والحيوانية، واستغنائها عن الأسمدة الكيميائية لخفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والمساعدة في تحسين قوام التربة وتحسن الإنتاج».