اكد تقرير اقتصادي ان عملية اعادة اعمار العراق سوف تكون بحاجة الى انفاق كل دينار داخل العراق، كي تعمل مضاعفاته على اعانة الاقتصاد العراقي على النمو وخلق فرص عمل وطبقة وسطى بدلا من المدمرة. وذلك التقرير الذي اصدره مكتب الشال للاستشارات الاقتصادية في الكويت ان البعض يعتقد ان اعادة اعمار العراق سيتيح الكثير من الفرص للدول المجاورة له، مشيرا الى ان ذلك قد يكون صحيحا في الزمن المتوسط الى الطويل، وصحيح لبعض انشطة القطاع الخاص، ولكنه ليس صحيحا على اطلاقه وفي الزمن القصير قد تكون محصلة ذلك سلبية.
وذكر التقرير انه لتقديم قراءة اقرب الى الواقع للنتائج المحتملة، لابد من مراقبة لصيقة لثلاثة تغييرات رئيسية، اولها مدى التقد في بناء الدولة العراقية، اي الامن والقانون والشرعية الوطنية، وثانيها حجم الامكانات وتحديدا التطورات في القطاع النفسي وثالثها هو جانب الالتزامات ومدى نجاح جهود التفاوض لتخفيضها.
واعرب التقرير عن اعتقاده بان هناك ضرورة قصوى لاعادة البناء السياسي والاجتماعي للعراق لانه شرط اساسي لنجاح عملية البناء الاقتصادي، وفي جانب الامكانات ذكر التقرير انه يبدو انها ستكون لفترة من الوقت شحيحة فالتوقعات ترجح ان يتراوح انتاج النفط العراقي لسنتين ونصف قادمتين ما بين 1.5 - 3 ملايين برميل يوميا، بمعدل يومي للصادرات بحدود 2.2 مليون برميل يوميا بعد طرح نحو 400 الف برميل يوميا للاستهلاك المحلي.
وعلى العراق ديون خارجية بنحو 62 مليار دولار للاصل فقط ترتفع الى نحو 107 مليارات دولار مع الفوائد، وعليه مطالبات تعويضات بنحو 326 مليار دولار، ما اقر منها نحو 44 مليار دولار وما صرف نحو 17.6 مليارا والمتبقي نحو 26.4 مليار دولار، اي ان التزامات العراق المالية تتراوح في حدها الاقصى ما بين 415.4 مليار دولار امريكي بعد خصم 17.6 مليارا تم سدادها، وما بين 88.4 مليار دولار في حدها الادنى اي اصل القروض زائدا ما تم اقراره كتعويضات ولم يسدد، وهي اعلى مستوى من المديونية في العالم قياسا على حجم الاقتصاد 3.6 ضعف - وحصيلة الصادرات 5.9% ضعف.
ويحتاج العراق طبقا لتقدير متحفظ الى نحو 10 مليارات دولار لمواجهة التزامات الموازنة العامة للمصروفات الجارية، ويحتاج نحو 4.4 مليار دولار لمواجهة التزاماته المالية، ولن يتبقى ما يكفي من فوائض للتوزيع على جيرانه، ولكي تساهم اية عملية اعادة اعمار في استقرار العراق وهو اهم الاهداف، لابد من انفاق كل دينار - دولار - داخل العراق حتى تعمل مضاعفاته على اعانة الاقتصاد العراقي على النمو وخلق فرص عمل وطبقة وسطى بدلا من المدمرة، والواقع ان العراق سوف يفاوض على مساحة اكبر في سوق النفط واموال اكثر للاستثمار في توسعة طاقته الانتاجية، وسيعمل جاهدا لتخفيض التزاماته وقروضه وتعويضاته، وكلها ستؤثر سلبا في حقوق بعض جيرانه او عائدهم النفطي، كما ستخسر الاردن نحو 300 - 400 مليون دولار قيمة دعم لاسعار النفط العراقي المصدر لها من الحكومة السابقة ومثلها سداد نوعي اي سداد بالسلع الاردنية ونحو 460 مليون دولار امريكي تجارة اخرى مع العراق، وستخسر سوريا ما بين 1 - 2 مليار دولار نفط وتجارة ومثلها لمصر، وبعضها لكل من تركيا وايران.
لذلك فانه في الزمن القصير - سنة الى ثلاث سنوات - لا امكانات العراق ولا حاجته سوف تترك فوائض رئيسية، وصلب العمل سيكون للولايات المتحدة وبعضه لبريطانيا الممولين والحلفاء، وما سيترك لمقاولي الباطن سيكون قليلا، اما في الزمن المتوسط الى الطويل - اكثر من ثلاث سنوات - فان الامر سيختلف جوهريا، فحجم الاقتصاد العراقي المجاور سيبدأ بالاتساع والتفاعل مع دول الجوار بافتراض استقراره، وقد يبلغ حجم الاقتصاد السعودي خلال فترة قصيرة نسبيا، واقتصاد بهذا الحجم سوف يخلق سوقا واسعة والكثير مما يمكن من تبادله مع دول الجوار اذا اضفنا انه يتفوق على ما عداه بتنوع اقتصاده بتوفر المياه الزراعة، والبشر - 25 مليون نسمة - واختلاف المناخ والعمق التاريخي والحضاري، وذلك يدعونا الى الجزم بان الحصيلة النهائية ستكون موجبة، ولكنها مؤجلة لبعض الوقت.