إلى أين تقودنا هذه المدمنة؟ إنها تقودنا كما يقود الإدمانُ إلى التهلكة.
إدمانٌ رسمي موقع عليه من أكبر خبراء تشخيص الإدمان في العالم. واسمع ما تقوله وكالة "زينوا" الصينية، المقابلة عندنا لواس السعودية: "على الولايات المتحدة أن تتخلص الآن من إدمانها على الاقتراض، من إدمانها على الإسراف العسكري". الصين تقول: إن الولايات المتحدة مدمنة. وهي لا تقول ذلك فضلا ولا فضولا بل لأنها مكتوية وعالقة في الجحيم اللولبي للانهيار الاقتصادي الأمريكي فهي تملك أكبر دين في التاريخ الاقتصادي المعاصر على أكبر اقتصاد في التاريخ، سيقارب الدينُ الصيني على أميركا رقما صاعقا يشارف ألتريليوني دولار.. مبلغ يبنى به العالمُ من جديد، أو يخلصه من كل مآسيه.. دفعة واحدة.
على أنه لا تشغلنا أمريكا والصين، إنما يشغلنا إدمان آخر، وهو إدمان دول مثل دولنا على إدمان الدولار الهش والذي نعلم أنه مجرد ورقة لا تسوى الحبر الذي طبعت به بالمنظور الاقتصادي المباشر، لأنها عملة عائمة غير مسندة ولا مغطاة، والضمان دوما فقط هيبة الاقتصاد الأمريكي. الآن سقطت الهيبة للقاع.. وماذا سيسقط معها؟ سيسقط معها كل من صادق وزامل الدولار من عملات النقد، فما بالك بالعملات التي التصقت به التصاقا سيامياً. وأنظر الآن كيف يتهاوى سعر النفط ومؤشرات سوقنا أمام أعيننا.. ولا حيلة!
الصين الآن ملكة العالم المالي بلا منازع. والصين بكل هذه العظمة الكونية عملاق يجره هذا الضعيفُ الأخضر الهزيل، والصين ستجر وراءها العالم بأكمله. فالصين عالقة بهذا الدين الضخم من السندات والرهونات الأمريكية، ليس أمامها الآن إلا حلان: إما تواصل شراء السندات، أي الاستمرار بإقراض أمريكا، أو شراء أمريكا بما حملت.. كلها، حتى البيت الأبيض والكابيتال هاوس والبنتاجون. على أن الحل الواقعي هو استمرار الإقراض.
الآن سقطت الهيبة للقاع.. وماذا سيسقط معها؟ سيسقط معها كل من صادق وزامل الدولار من عملات النقد، فما بالك بالعملات التي التصقت به التصاقا سيامياً. وانظر الآن كيف يتهاوى سعر النفط ومؤشرات سوقنا أمام أعيننا.. ولا حيلة!الصين التي اشتهرت بتاريخ الأفيون تدمن الآن شراء الدولار وتشمّه بلا عبَق. الآن يجب أن نفكر، فالتقدير الائتماني لأمريكا هبط بمذلةٍ لأول مرة في تاريخها، ولحقتها أوروبا أو بعضها بتدني الثقة الائتمانية، واليابان عندها مشكلة كأداء فهي ثاني أكبر مقرض لأمريكا بما يقارب التسعمائة بليون دولار، ودينها ضُعْف ميزانيتها.. ومع ذلك تستمر المسكينة فوق ظروفها بشراء الدولار.. هل هي مأساة الإغريق: العذاب الذي لا ينتهي؟!
ما نرجوه، أن تخرج الولايات المتحدة من أزمتها، ولا تنحط لانصهارٍ كامل، لأن الضحية ليست أمريكا ولكن كل من وما ارتبط بالاقتصاد والدولار الأمريكي. وهناك تفاؤل أن حلا عالميا قد تقوده الصين العظمى للخروج من نفق الرعب.. لو خرجت أميركا من مستنقعها الثقيل، فلا بد أن نفكر باقتصادنا وقيمه وطريقته من جديد وابتعادا عن آلية النجم الأحمر.. ذلك النجمُ الهالك الذي يبلع كل شيءٍ بالفضاء بجاذبية لا تقاوم.