الإرهاب أعلى مظاهر الاستبداد، والإرهاب حركة عمياء تتخبط "خبط عشواء" ولا تنظر لحقائق الأمور على طبيعتها المجردة والمستقرة، ولكنها تنظر اليها نظرة سوداء مرتبطة ارتباطا عضويا بمفاهيمها العدوانية، ومصالحها الضيقة مجردة من الرحمة، وبعيدة عن الانسانية. والقواعد الأخلاقية والقيم المجتمعية.
وفي تقرير أصدرته اللجنة العلمية لدراسة الشخصية المستبدة في الولايات المتحدة الأمريكية نستشهد بهذا النص: "ان الاستبداد ظاهرة تعويضية، فتتوفر (الشخصية المستبدة) ـ بشكل عام ـ في الأشخاص فاقدي الثقة بأنفسهم. الذين لم ينجحوا أبدا في تكوين شخصياتهم تكوينا متكاملا مستقرا. يدفعهم النقص الذي يعرفونه عن أنفسهم الى محاولة تعويضه في العالم الخارجي. فهم عندما يستعملون العنف ضد أية محاولة تغيير اجتماعي بحجة الدفاع عن استقرار النظام القائم يدافعون في الحقيقة عن أنفسهم التي تفتقد الاستقرار النفسي. ويؤدي كل هذا الى نزوع عدواني مختلط بالحقد على كل من لا يوافقهم في الرأي أو يتميز عنهم خاصة أولئك الذين يتميزون بالمبادىء والقيم التي تشكك في سلامة النظام الاجتماعي أو تتطلع الى تطويره، من هنا ينحاز المستبدون الى القوى المحافظة اذا لم تكن ثمة مخاصر تهدد بتغيير النظام.
فإذا ظهرت تلك المخاطر يصبح نزوعهم العدواني أكثر شراسة ويتحولون مباشرة الى (فاشيت)! وهم عندما ينشئون أحزابا فاما أن تكون أحزابا ارهابية واما أن تتكون من (الامعات) من الناس ضعاف الشخصية".
وهذا هو واقع الحال في دولة العنف والاستبداد والارهاب ـ الدولة العبرية الصهيونية "الفاشية" دولة اسرائيل يقول الروائي العالمي "غابريل غاريثا ماركيز" الحائز على جائزة نوبل للسلام في "البيان الثوري" الذي أصدره وأستهله قائلا: "اعلن عن اشمئزازي من المجازر التي ترتكبها يوميا المدرسة الصهيونية الحديثة". وختمه ساخرا: "أنا أطالب بترشيح شارون لجائزة نوبل للقتل.. سامحوني ان قلت أنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل.. أنا أعلن عن اعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الابادة على الرغم من انكار القوى العظمى أو المثقفين الجبناء أو وسائل الاعلام أو حتى بعض العرب لوجوده.. وبشكل منفرد أنا أوقع على هذا البيان باسمي غابريل غارثيا ماركيز".
ان الأصوات الشريفة الحرة ترتفع عاليا هاتفة في كل مكان من العالم باندحار العدوان الصهيوني ضد الشعب العربي الفلسطيني، تصدر هذه الأصوات الهادرة في وجوه الطغاة اعداء الانسانية في داخل اسرائيل وخارجها في البلدان المساندة للعدوان وبخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية متزعمة الطغيان وداعمته بمختلف آليات الفتك والدمار.. وقد صدرت هذه الأيام في الولايات المتحدة الأمريكية شخصيات امريكية بارزة منهم نعوم تشومسكي ومارتين لوثر كينغ الثالث وادوارد سعيد وغيرهم اصدروا بيانا تاريخيا هاما حول الارهاب الذي تمارسه بلادهم ضد الشعوب العربية وبخاصة الشعب العربي الفلسطيني ودعمها اللامحدود لقوى الطغيان الصهيوني وقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية نص البيان جاء فيه: "لنمنع القول بأن شعب الولايات المتحدة لم يفعل شيئا حيث اعلنت حكومته حربا بلا حدود وأقامت اجراءات قمع جديدة قاسية".
الموقعون على هذا البيان يناشدون شعب الولايات المتحدة مقاومة السياسات الأمريكية ومجمل الاتجاه السياسي الذي انبثق منذ الحادي عشر من ايلول مسلطا اخطارا مهلكة على شعوب العالم. نحن نؤمن أن الشعوب والأمم تملك الحق بتقرير مصيرها بعيدا عن القمع العسكري للقوى الكبرى. نحن نؤمن ان كل الذين اعتقلوا او حوكموا من قبل حكومة الولايات المتحدة يملكون الحق نفسه بإجراءات قانونية. نحن نؤمن ان الاستفهام والنقد والاعتراض امور يجب ان تلقى التقدير والحماية. ونفهم بأن حقوقا وقيما كهذه هي دائما موضع نزاع ويجب ان يقاتل لأجلها.
نؤمن بأن الشعوب التي تملك ضمائر يجب ان تتحمل مسؤولية ما تفعله حكوماتها. وعلينا قبل أي شيء أن نعترض على الظلم الذي يرتكب باسمنا نحن، لذا نناشد كل الأمريكيين مقاومة الحرب والقمع الواقعين على العالم من قبل ادارة بوش. انه أمر غير عادل، غير أخلاقي غير شرعي، ونحن نختار ايجاد قضية مشتركة مع شعوب العالم.
نحن ايضا راقبنا بصدمة الأحداث الرهيبة التي وقعت في الحادي عشر من ايلول.. نحن ايضا فجعنا لموت آلاف الأبرياء واهتزت رؤوسنا لرؤية المشاهد الفظيعة للمذبحة وتذكرنا مشاهد في بغداد وباناما وفي فيتنام قبل جيل، وشاركنا ملايين الأمريكيين سؤالهم الحزين حول سبب حدوث اشياء كهذه. ولكن ما كاد الحداد يبدأ حتى اطلق كبار قادة البلاد العنان لروح الثأر ووضعوا السيناريو الساذج "الخير مقابل الشر" والذي نشرته وسائل الاعلام المطواعة الواقعة تحت التهديد. اخبرونا أن التساؤل حول سبب وقوع هذه الأحداث الرهيبية يتاخم الخيانة العظمى. ويجب ألا يكون هناك نقاش. وليس هناك بالتعريف شرعية سياسية أو مسائل اخلاقية. الجواب الوحيد الممكن هو أن تكون حرب في الخارج وقمع في الداخل. باسمنا قامت ادارة بوش مع شبه اجماع من الكونغرس، بضرب افغانستان وليس ذلك فحسب بل ادعت لنفسها ولحلفائها الحق بانزال القوى العسكرية في أي مكان وأي وقت.. ويمكن تلمس الآثار القاسية لذلك من الفلبين الى فلسطين. والآن تتهيأ الحكومة علنا لشن حرب شاملة على العراق البلد الذي لا علاقة له بأحداث ايلول.. أي نوع من العالم سيغدو عالمنا اذا كانت الولايات المتحدة تملك بطاقة مفتوحة "شيكا على بياض" لإسقاط فرق الكوماندوس والمقاتلين والقنابل في أي مكان تريد؟ وباسمنا خلفت الحكومة طبقتين من البشر ضمن الولايات المتحدة: الأولى تضم أولئك الذين تضمن لهم وبالحد الأدنى الحقوق الاساسية في النظام القانوني للولايات المتحدة والثانية هي أولئك الذين يبدو أنهم لا يملكون أية حقوق، لقد جمعت الحكومة أكثر من الف مهاجر واعتقلتهم بشكل سري وغير محدد، ثم نفت المئات والمئات الأخرى لا يزالون يعانون في السجون ولأول مرة منذ عقود تخص اجراءات الهجرة امما محددة بالمعاملة غير المتساوية. باسمنا أرخت الحكومة غطاء من الاضطهاد على المجتمع، والمتحدث باسم الرئيس يحذر الناس من "مراقبة ما يقولونه". ووجد المعارضون من الفنانين والمفكرين واساتذة الجامعة اراءهم تحرف وتهاجم وتقمع. وقد منح ما يسمى بـ"القانون الوطني" الى جانب مجموعة من اجراءات مشابهة على مستوى الدولة" مداهمات الشرطة قوة جديدة من البحث والاعتقال، وتنسيق ذلك في جلسات سرية تسبق المحاكمات السرية.
باسمنا تقوم السلطة التنفيذية باستمرار اغتصاب دور وعمل الفروع الاخرى من الحكومة وهي من يقر المحاكم العسكرية ذات الدلالة المهلهلة مع انعدام الحق باللجوء الى المحاكم العادية.
وبجرة قلم من الرئيس تعتبر مجموعات ما "ارهابية".!
وعلينا أن ننصت بجدية الى كبار مسؤولي الوطن عندما يتحدثون عن الحرب التي ستستمر لجيل، وعندما يتحدثون عن النظام الداخلي الجديد. اننا نواجه سياسة امبريالية علنية جديدة تجاه العالم وسياسة داخلية تختلق الخوف من تقليص الحقوق وتتلاعب به.
أحداث الأشهر الماضية تمتلك مسارا مهلكا يجب ان يدرك ويقاوم ففي مرات كثيرة عبر التاريخ انتظرت الشعوب كثيرا الى ان اضحى الوقت متأخرا للمقاومة.
لقد اعلن الرئيس بوش: "اما ان تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا". وهاك جوابنا: اننا نرفض السماح لك بالتحدث نيابة عن كل الشعب الأمريكي، نحن لن نتنازل عن حقنا بالمعارضة.. نحن لن نتخلى عن ضمائرنا لأجل وعود فارغة بالأمن نحن نقول لا تفعلوا ذلك باسمنا.. نرفض أن نكون جزءا من هذه الحرب ونتبرأ من أي ادعاء بأنها شنت باسمنا ولصالحنا.. نمد يدنا لكل من يعاني في العالم من هذه السياسات وسوف نظهر تضامننا بالكلمة والفعل.
نحن الموقعين على هذا البيان نناشد كل الامريكيين الاتحاد لمواجهة هذ التحدي، نحيي ونؤيد المعارضة والاحتجاج السائدين حتى وان كنا ندرك الحاجة للمزيد والمزيد لأجل الايقاف الفعلي لهذه القوة الماحقة.
ونستلهم من امثلة كثيرة عن المقاومة والضمير من ماضي الولايات المتحدة من أولئك الذين حاربوا اليهودية بالعصيان، والسكك الحديدية تحت الأرض، من اولئك الذين تحدوا حرب فيتنام برفضهم الأوامر ومقاومة المخططات والتضامن مع المعارضين.
لنمنع ان يشعر العالم الذي يراقبنا بالخيبة من صمتنا وفشلنا وبدلا عن ذلك.. دعوا العالم يسمع عهدنا.. اننا سنقاوم آلية الحرب والاضطهاد.. وسنحث الآخرين على عمل أي شيء ممكن لإيقاف ذلك.
ان الارهاب لن يقهر ارادة الشعوب، ولن يخيف الاحرار وعشاق الحرية، وقد أكدت الأحداث عبر التاريخ والأجيال ان قضية الانسان هي القضية الرابحة.. والقضية التي تجد لها الانصار والاحرار الذين يساندونها.. والاصوات الحرة الشريفة التي تستنكر وتهاجم الطغيان والعدوان وتقف موحدة لانتصار الحرية. وعلى الطغاة تدور الدوائر ولو بعد حين!