DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

نكتة بايخة

نكتة بايخة

نكتة بايخة
نكتة بايخة
لم أعد أضحك على كثير من النكت التي يدعي بعضنا أنها مضحكة فيستجيب بعض آخر ويقهقهون عليها وبخاصة في الموضوعات المتكررة التي تتعلق بالشكل الإنساني أو بعض مشكلاتنا الاجتماعية . أن ما يضحك بعضنا هو في الحقيقة معول للهدم لا للبناء . قد يعتقد أحدكم بأنني أبالغ ولكن في الحقيقة الأمر ليس كذلك فكل نكتة نطلقها تسبب ارباكاً ذهنياً للمجتمع فيستجيب كثير منا لها بشكل أو بآخر . يقول الدكتور صلاح الراشد: إن الفكرة التي تنشئ سلوكاً تكون بالتالي عادات تشكل شخصية الإنسان وبهذا تكون أصلاً للتعمير أو التدمير . وأحسب أن الأفكار التي تبنى عليها تلك النكت تتسبب في ذلك التعمير أو التدمير وواقع الحال يشي بأن فعل الهدم الناتج عنها هو الأكثر شيوعاً    فبعضها مما تناول الإضحاك على حافز والعاطلين عن العمل ساهم في إرساء قواعد البطالة الذاتية التي لا يحسن بعض شبابنا الخروج منها فيستسلمون للهدوء تحت تدليل مكيفات الهواء لهم ويزيدون رقماً في قائمة البطالة .إن كل فرد من أفراد المجتمع أياً كان دوره في مجتمعه ومهما كانت المشكلات التي تخصه كفرد وتهمه كمنتم للمجتمع ويضحك على نقاط الضعف فيه سيتحول إلى معول هدم لأن ضحكته لن تعالج أي خطأ بسيط بل ستسهل له عملية قبول الأخطاء وتقتل فيه الرغبة في المقاومة.  وخذ أيضاً ما يتعلق بشكل المرأة أو الرجل وكيف صار سبباً للهدر المادي والأخطاء التي ترتكب في حق الأجساد عن طريق عمليات التجميل . وفي الجانب المعنوي اتسعت الهوة بين الجنسين وصار الصراع الموهوم حاضراً وبديلاً للعلاج الإيجابي الذي يجب أن يكون حاضراً ويقاوم تلك الحماقات التي تروج لها النكت وتتسبب في تبلد الأحاسيس أمام المشكلات التي لم تتوقف وظلت تكبر وتكبر وتمد يديها إلى المجتمع لتخنقه من شدة الضحك !! لقد تسببت النكته التي أضحكت العالم العربي كله بلسان مصري إلى كابوس أطبق على المصريين لسنوات طوال حتى امتد عمر الضحك المصري إلى عقود من الزمن تمدد فيها الفساد على سطح الأرض وفي عمقها حتى انقسم الشعب المصري إلى قسمين: قسم يقول النكتة والآخر يضحك عليها ويستلقي على قفاه ضاحكاً بأعلى صوته ويغفل عن دوره الحقيقي تجاه كل تلك الأوضاع التي يضحك منها وهي في الحقيقة يفترض أن تبكيه ولهذا صار عضواً فاعلاً في جوقة الفساد والمفسدين . إن كل فرد من أفراد المجتمع أياً كان دوره في مجتمعه ومهما كانت المشكلات التي تخصه كفرد وتهمه كمنتم للمجتمع ويضحك على نقاط الضعف فيه سيتحول إلى معول هدم لأن ضحكته لن تعالج أي خطأ بسيط بل ستسهل له عملية قبول الأخطاء وتقتل فيه الرغبة في المقاومة وتكبح الرقابة الذاتية وتفتح أبواباً واسعة للتبريرات غير المنطقية للإهمال والفشل  . لقد توالدت لدينا النكتة بشكل سريع وأصبحنا لا نسمعها مشافهة بل نراها في فيديوهات وبرامج كثيرة يتبارى الشباب في انتاجها ويجعلون منها سلماً لنجوميتهم الباهتة لأنها لا تقابل إلا بالضحك وهو بالتأكيد ليس ثمرة ناضجة للنقد . فهناك فرق واضح بين أن تنقد من أجل أن تعالج خللاً وبين أن تنقد لتعالج وهذا الفرق لا يتضح إلا من خلال نوعية التفاعل مع ذلك النقد . وهذا ما لم يحدث حتى الآن إلا عند قلة قليلة . وهي قلة تعمل بصمت ولا تكتشف أعمالها إلا عند ظهور ثمرتها وهي ثمار لم نتذوقها حتى الآن إلا من قبل بعض الجهات الرسمية التي تتلقى من جمهور الضاحكين والمضحكين نكتة بعد أخرى . اليوم صار لزاماً علينا أن نرفض تلك النكت ولا نفرح بها ونسارع لتبادلها مع الآخرين حتى نوقف زحف الاستسلام إلى العقول فهو أول من يبكينا فيما بعد.