بين عشية وضحاها كشف لنا عن جانبه السيئ، الذي لا يترجم إلا لسان أطماعه وأحلامه، كان يتحدث عن الحب العام، الحب الإنساني الذي يعالج كل خلل في كل مكان، كان يؤثر ويقنع بكل نداءاته للخير والشر منها. فعندما نادى بالويل والثبور ؛ليغلق أبواب الحياة، ويكيل الشتم، والدعاء بالشر على كل من يخالفه ويوجه الأفواج من الشباب لحرب مصطنعة قتلت فيهم الحياة من الوريد للوريد وإن لم يموتوا. في أشرطة الكاسيت ومنابر التطرف وجد من يسمعه، ويأخذ بكل ما يقول، وكأنه كتاب منزل، وعندما تبسط وارتدى قناع اليسر والتيسير، وأفتى بتحليل ما حرمه من قبل، انقلب الناس معه، وأخذوا بما يقول، فقد عرف كيف يرضي المساكين، الذين لا يعقلون بعقولهم، بل بعقول غيرهم! وكل هذا من أجل أن يكسبهم في صفه كما اعتاد من قبل. وبعد مراحل اليأس التي مرت ولا تزال أحلامه تمر بها، ما عاد قادراً على كبح جماح الإساءة في نفسه لوطنه الذي يحول دونه وأحلامه، صار يدس السم في العسل، في كل كلمة يكتبها في كل مكان، كلمات ظاهرها الحق، وباطنها الباطل الذي يسعى لتأجيجه، بكل ما أوتي من وسيلة، ولكن ضمن حدود تحميه من العودة إلى غياهب السجن.
ومع أحداث الشغب العمالية للمخالفين، ملأ أسطره بالباطل؛ امعاناً منه في تشويه صورة الوطن والإنسان، فيظهرهما في أبشع صورة وهو يدرك تماماً أن الحقيقة خلاف ما يقول! ولكنه يفعل ذلك من أجل نفسه، ومن أجل الأفعى التي يواليها، ويريد لها أن تلتف حول كيان الدولة التي أعطت وما بخلت، حتى ظن بعضهم أن عطاءها خير باب للإساءة إليها فتمادوا وأساءوا.
في مقال له راح يذكر تفاصيل مصروفات عامل راتبه ثمانمائة ريال، ويصفه بالمهان جدا بعمومية وقحة، لينتهي بما يريد أن يقنع الناس به وهو أن العامل لدينا مسكين، ترك بلاده وأهله وجاء إلينا ليخدمنا دون مقابل، فهو لا يستفيد أبداً !! وهنا نتساءل ببساطة إذا كان هذا العامل المقهور المهان - الذي يأتي صفر اليدين ويخرج كذلك - لا يستفيد فلماذا يصر على البقاء بيننا، لدرجة أنه يرفع السلاح في وجوهنا ؟ أليخدمنا لوجه الله أم ليتمتع برؤية سواد عيوننا ؟! أمرك غريب يا رجل! ألا تعرف أن الأستاذ الجامعي المقيم بيننا في تبادل نفعي لنا وله، يحد عمله من قبل بلاده بسنوات محدودة للخدمة خارج وطنه لحاجتهم له من جانب، ولفسح المجال للآخرين لكي يفيد ويستفيد أيضاً، فلماذا نسمح لكل عامل أن يأتي ويعيش بيننا لسنوات بطريقة مخالفة، ليحاول أن يجني ثروة تناسبه من كل طريق سواء طريق السرقة أو التسول أو الإعتداء.
قبل أسابيع قليلة نشر أحد المغردين صورة منزل جميل لعاملة منزلية، بنته في وطنها حين كانت تعمل لديه لعشر سنوات فقط، وكان راتبها ثمانمائة ريال. إن غيرها كثير وكثير ممن عملوا وأجادوا فبنوا بيوتهم، وعلموا أولادهم، وعالجوا مرضاهم من ثمرة جهدهم وعملهم في هذه الأرض التي لم تمنع خيراتها عن الآخرين، ولكن بعضهم جاحد، كفور بنعمة الله عليه ولعل أحدهم ذاك الشيخ الذي قلب عقول البسطاء بين أصابعه مرة بعد مرة، وها هو يريد أن يقلب عقولهم وقلوبهم ضد أرضهم!.
أخبرنا أيها الشيخ، كم تعطي للسائق الذي يعمل لديك، والعاملة التي تنظف بيتك، والسباك الذي يصلح لك أنوار منزلك، هل تعطي أحدهم ضعف ما يقدمه لهم الناس؟ حتى تكون مسلماً كاملاً وليس (مسلماً ولكن) كما وصفت الناس في بلدك، عندما أرادوا أن يصححوا، وينظموا ويتركوا الثمرة الحلال لمن يسعى لها كما يجب، ومن الطريق الصحيح.
بئس الرجل الذي تعمي أحلامه بصيرته، وتشوه الجميل فيه، ليكون مسلماً ولكن.