نحن في السعودية، الأكثر تغريداً على مستوى العالم!! لماذا؟ الإجابة تحتاج إلى عملية تحليلية وإحصائية، ولكن الظاهر العام يشير إلى عدة أمور، منها: أن تويتر يمثل شكلاً من أشكال الاختلاط الاجتماعي الذي يفتقده مجتمعنا، وهيأه له هذا البرنامج حيث نتبادل الحوار ونختلف ونأتلف وربما (نتماعط الشوش)، أو يطلق بعضنا قذائف (آر بي جي) لفظية لمن نعرف ومن لا نعرف، ونمارس تسفيه الآخر مرارا وتكرارا الذكور أو الإناث. يدفعون الناس دفعاً؛ لكي يضيقوا بحياتهم ومافيها، ويهدموا كل الإنجازات، ويعيبوا كل المحاولات، فينمو اليأس مزهواً بانتصاراته بيننا ويتعالى صوت التقاعس وتتناهبنا الشائعاتبعضنا يتغزل ويتغزل، وينوح ويبوح منفرداً، أو متوجهاً لطرف آخر، وبعضنا يرسم لنفسه شكل الواعظ الديني في تغريدات مستمرة، وبعضنا اتخذ من تويتر وسيلة لمضاعفة حسنات أمواتهم بفتح حسابات للذكر!! ولا أعرف مدى صحة هذا الأمر، وبعضنا يدمن إعادة التغريدات -وهو يظن أنه صاحب السبق في نشر ما يعيد- رغم أنه ينشر عشرات المرات! واللافت للنظر أن الجدية بدأت تنحسر وبقوة في تويتر، وأن من يستحقون أن يتبعوا صاروا يقلون في التغريد، وقد يكون هذا زهداً منهم؛ لسوء الأحوال في تويتر، وربما لضيق أوقاتهم، وهذه خسارة فعلية فقد غلب الهزل والشتم والضحالة الفكرية لدرجة تصيبنا بالغثيان الفكري؛ من جراء التعدي على العقول: إما بالسخرية الوقحة، أو بالتقليل من شأن الآخرين. ناهيك عن سقوط كثير ممن يفترض بهم أن يكونوا مؤثرين في الوعي العام، واستنهاض العقول بدلاً من هذا التردي الذي نتدافع فيه نحو اللاوعي والتسطيح وموافقة العامة في كل ما يقولون، رغبة في حصد أصواتهم؛ من أجل ارتفاع أرقام المتابعين لديهم وهذا هوس آخر سقط فيه بعضهم، فصاروا يمارسون (التهييج) بكل عناية في اختيار الكلمات التي تدير الرؤوس، وترفع الأيدي بالتصفيق أكثر من عنايتهم بالكلمة التي تؤدي دوراً فاعلاً في التأثير المنصف والبناء، ويدفعون الناس دفعاً؛ لكي يضيقوا بحياتهم ومافيها، ويهدموا كل الإنجازات، ويعيبوا كل المحاولات، فينمو اليأس مزهواً بانتصاراته بيننا ويتعالى صوت التقاعس وتتناهبنا الشائعات، ونغرق في الأكاذيب التي صارت كالأمواج المتلاطمة تتقاذفنا في الافتراض كما في الواقع. يكذبون في آرائهم، وفي اظهار عكس ماهو من قناعاتهم؛ ليرضى عنهم الناس، فيرسمون لأنفسهم صوراً لا تشبههم؛ استرضاء لمتابعيهم ورغبة في كسب المزيد منهم، فقد صار الرقم في تويتر (ميزة) يتباهى بها بعضهم، ويعتقدون بأنها رمز يعلي من شأنهم، ولهذا بدأ الدور (التويتري) المرجو يغيب. في الوقت الذي يرتفع فيه رصيدنا من التغريدات الجوفاء.