@ سأل أحد الجالسين عاقد الانكحة ما اعجب ما مر بك وانت تسجل عقود الأنكحة! فذكر لنا لغة ارقام عجيبة.. مقدم المهر ثلاثمائة الف ريال والمؤخر (مليون) ريال. حالة كهذه يترتب عليها مضايقة الاكفاء او عجز دفع المهر من الآخرين وعزوف الشباب عن الزواج وعنوسة الفتيات غلاء المهور قضية قد يتغافل عنها البعض لاسباب اجتماعية ما انزل الله بها من سلطان.. فيظن البعض ان كثرة مهر ابنته تصحيح لوضعها الاجتماعي ومساواتها باترابها وقلة المهر يعني هضما لحقها وهدرا لكرامتها, فمن توهم ذلك فقد جانب الصواب وأخطأ الحقيقة. وعلى ذلك يغالي في المهر ولا يعلم انه ارهاق لكاهل الخاطب وحجر عثرة في طريقه وقد يعرض الشباب والشابات الى ما لا تحمد عقباه من امراض خطيرة تهدد بالتالي أمن الامة وتزعزع كيانها واستقرارها وغلاء المهور مخالفة شرعية كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (اذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ان لا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير) اين نحن من ذلك؟
وقال تعالى: (والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) ترغيب للاعتدال في الانفاق وقال تعالى (وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم), وعن ابي العجفاء قال خطبنا عمر فقال: (الا تغلوا بصداق النساء فانها لو كانت مكرمة في الدنيا او تقوى عند الله كان اولاكم بها النبي صلى الله عليهم وسلم) ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم, امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته اكثر من اثنتي عشر اوقية.. رواه اصحاب السنن وروى احمد والبيهقي والحاكم وان من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها. وهنا يسوغ لي ان ارفع صوتا مناديا اولياء الامور بالنظر في غلاء المهور وما يترتب عليه من حرج والتماس الحلول المناسبة.. فعلى الأب ان ينظر بعين مبصرة في عنوسة فتياته وانهن أمانة في عنقه, وعلى الفتاة اقناع ولي امرها بالعدول عن الطلبات الباهظة وان ذلك لا يعني شيئا في حياتها, وان نرضى بالقليل ففيه البركة وان لا تجاري الغير فيما يضر بحياتها الاجتماعية او يتسبب في عنوستها وعلى الشباب عامة التناصح في الله بعدم الاسراف والتبذير والاعتدال في كل شيء حتى لا يضيع الفقير في زحمة الاغنياء قال سبحانه وتعالى (ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا). فعلينا بهدي الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليستقيم أمرنا ويصلح حالنا ويسعد مجتمعنا.