DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

طمع وكسل

طمع وكسل

طمع وكسل
طمع وكسل
في بعض أيام الأسبوع أخرج في الصباح مع صديقتي إلى مقر عملنا معاً، وأثناء عبورنا ذلك الطريق المزدحم الذي يبدو مزعجاً جداً ومملاً حين تذهب كل واحدة منا عبر الطريق نفسه في بقية الأيام، فوجودنا معاً وتبادل أطراف الحديث معاً يجعلنا لا نشعر بما حولنا من ازدحام ومن تصرفات مجنونة لبعض قائدي السيارات، لأننا نستغرق في التحليل والتعليق على بعض شئون الحياة والناس في كثير من الأمور. اليوم كنا نتكلم عن بعض الشخصيات التي تراها في كل مكان وتسمع لها صدى يتردد في الأرجاء وعندما تلتقي بهم تشعر بحاجة لأن تقول: اعمل كي أراك وليس كما قال سقراط: (تكلم كي أراك).نحن حقاً بحاجة للغربلة ليسقط من أجواء الأعمال كل من لا يجيد سوى الكلام والكلام فقط فقد كان سقراط يريد من الإنسان أن يتكلم ويقدم نفسه للآخرين من خلال أفكاره وقناعاته حتى يحكم عليه حكماً صحيحاً، إذ لا يكفي أن تحكم على الناس من خلال أشكالهم أو مقتنياتهم. لكن اليوم لم يعد هذا كافياً، فكل الناس يعملون وكل الناس يتكلمون، وهناك فئة تتكلم كثيراً جداً جداً، لكنها لا تعمل بما يتناسب مع ذلك الكم الهائل من الكلام الذي بلغ الزبى.  محزن أن يكون الكلام هو كل البضاعة التي يحملها بعض الناس والمؤسف أكثر أن هناك من يصدقهم! وربما كان هناك من عرفهم عن قرب ويدرك تماماً أن الكلام الذي يصدر لن يترجم إلى أعمال إلا من خلال الآخرين الذين يسخرهم له، ليقوموا بالعمل بالإنابة عنه بطريقة غير مباشرة. وهؤلاء هم بالضبط من وصفتهم صديقتي: بالشرهين الكسالى! فتلك النوعية هي التي تظل طوال حياتها تواقة للبروز وشرهة جداً لكل ما من شأنه أن يسعدها ولو استلزم الأمر أن يتحولوا إلى مجرد فقاعات تطير من مكان لآخر لتنفجر ويسيل منها الكلام وهو الذي يحولونه إلى مجداف يستخدم للوصول إلى الهدف.  فإذا وصلوا ألقوا بالعمل كله على من حولهم، وركنوا إلى نشاطهم الكلامي الذي لا ينقطع.  فالهدف بالنسبة لهؤلاء ليس الوصول إلى الهدف من أجل العمل على إنمائه وتطويره؛ بل من أجل الاستعراض به؛ فهم مولعون بأصواتهم وبأسمائهم وهم يرونها في كل مكان، وعلى كل لسان، حتى وصلنا إلى مرحلة تُحقق فيها لهم الأهداف عن طريق غيرهم ومع هذا تجدهم يصطنعون الرضا والسعادة ويصدقونها ظاهرياً فقط.  بل ويصطنعون العناء والإجهاد فيتحدثون عن جهودهم التي يرجون من الله أن يجازيهم عليها خيراً على اعتبار قناعاتهم الكاذبة بأنهم يصنعون للناس معروفاً لا ينقطع! ويظنون أن من حولهم يصدقهم أيضاً !! هذا الحال تجده في النساء وفي الرجال وبين أصحاب المناصب الرفيعة والوظائف البسيطة، والحقيقة المخيفة أن الأمر يستشري جداً وينتقل بالعدوى من الكبار إلى الصغار حتى صار الكذب العملي ينتشر بسرعة انتشار النار في الهشيم ولعله أحد أهم الأسباب الخفية للفساد الذي يتبلور فيما بعد في مؤسسات كبيرة بعضها رسمي، وبعضها أهلي، وبعضها خيري. فنحن اليوم نسمع عن برامج كثيرة جداً ونشاطات مختلفة ومتنوعة، لكن لا نرى لهذه البرامج نشاطاً فاعلاً إلا على ألسنة أولئك (المكلماتية) برامج كثيرة وأنشطة متنوعة تسمع عنها اليوم، ثم تختفي أو تهمل أو تصبح مجرد وسيلة لاستنزاف أموال الدولة ورجال الأعمال بلا أدنى فائدة ملموسة ممن يهتمون لأمر الفكرة التي كانوا يتوقعون أن تسهم في حل مشكلة ما أو مجموعة منها. مثل هذا النوع من الفساد الباطني لن يزول إذا لم يرفض من قبل كل من يتصلون بالأمر من قريب أو بعيد حتى لا يتغلل هذا الداء في نسيج المجتمع من الداخل، لأنه داء اقترب من التمكن منا ربما لأن الناس كانت غافلة عنه حين كانوا بحاجة لاستنهاض الهمم في أمور كثيرة كنا فيها نضع خطانا على أول الطريق في أمور كثيرة. لكن اليوم نحن حقاً بحاجة للغربلة، ليسقط من أجواء الأعمال كل من لا يجيد سوى الكلام والكلام فقط، لأن العمل الجماعي يشبه تماماً قطعك الطريق مع صحبة جميلة تشاركهم التفاصيل الصغيرة والكبيرة بعقلك ويدك وقدمك.