كأننا نستنكر الحب أو نستنكر الاعتراف به. كأنه العار الذي يلحق بالمشاعر حتى لأقرب المقربين الأخ.. الأخت.. الأصدقاء! هذا ما استنتجته من الوسمين (قولي أحبك لأخيك وشوفي ردة فعله) ومثله للأصدقاء. كانت هناك إجابات جميلة معبرة؛ لأنها لم تقاوم جمال تأكيد المشاعر الموجودة فعلاً، فجاءت استجابة بعضهم بأجمل التعبيرات، وجاء بعضها مخيباً للآمال ساخراً كان أو جاداً، فبعض الاخوة توقعوا أن تكون كلمة أحبك مجرد مقدمة لطلب ما، وبعضهم هدد وتوعد فقد داخله شك بأن هذه الرسالة موجهة لشخص آخر ولكنها وصلت إليه بالخطأ وعليه أن يؤدب أخته حتى يستنطقها لتقر!لا حاجة لنا باللفظ فالحب موجود والكلمة لا تزيد ولا تنقص من مشاعرنا تجاه من نحبهم حتى الأزواج الذين يحبون بعضهم بعضاً يستنكرون هذه الكلمة التي تعتبر زائراً غريباً على قاموس حياتهم اللفظي. حكى د. خالد المنيف مستشار العلاقات الزوجية أنه طلب من المتدربين لديه أن يرسلوا كلمة (أحبك) لزوجاتهم وينتظروا الرد فجاءت الردود مخيبة للآمال وكأن هذه الكلمة تزرع الشك بدلاً من الثقة أو كأنها مرادفة للاستنكار وليس التأكيد! وكانت معظم الردود على شاكلة قول إحداهن: فيك شي ؟ انت تعبان؟ بالمستشفى!!
وأخرى تقول: أبو محمد؟ ولا انسرق جوالك؟!!
ألا يحزنكم الحال حال الإخوة والأخوات والأزواج؟ إن تلك الردود لا تعني بأن الحب غير موجود فهو راسخ في القلوب وخاصة بين الأخ وأخته في حال لو افترضنا أن العلاقة الزوجية يشوبها ما يشوبها من منغصات، وقد تكون خالية من الحب وبالتالي تكون الكلمة ثقيلة جداً يعجز اللسان عن لفظها لأن القلب لم ينطق بها. وقد يقول قائل: إنه لا حاجة لنا باللفظ فالحب موجود والكلمة لا تزيد ولا تنقص من مشاعرنا تجاه من نحبهم، فبعض التصرفات التي نقوم بها كفيلة بأن تملأ الكون كله بمشاعر الحب ولكن دون لفظ. ربما بنظرة أو بكلمة شكر أو لمسة حانية أو هدية بسيطة أو ابتسامة رضا أو مؤازرة أو ثناء فكل ذلك أو بعضه يكفي لأنه يحدث كل يوم. ولكن ماذا لو خيرت أحدهم أو إحداهن بين كل ذلك وبين تلك الكلمة الساحرة لقال: نعم احتاج ان اسمع تلك الكلمة، احتاجها لتكون تأكيداً يمحو كل الأخطاء ويضاعف من أثر كلمات الشكر ويجمع كل ورود العالم في باقة واحدة.. وليس المطلوب تكرارها لدرجة تبتذلها وتسلب جمالها وأثرها السحري العجيب في النفوس فهي ليست مثل الشكر ولا الفخر ولا الاعتذار فعلى كثرة تكرار هذه المفردات في يومياتنا إلا أنها لا تفقد قيمتها؛ لأنها استجابة لحدث ما يشعر الآخر باهتمامنا واحتفائنا بما قدمه لنا أو نتيجة لما وقعنا فيه من خطأ في حقه. أما (أحبك) فهي اختصار لكل جمال العلاقة الإنسانية التي تربط الأخ بأخته والزوج بزوجته والصديق بصديقه رغم كل ما قد تمر به تلك العلاقات من مد وجزر مع كل خلاف أو غضب أو احباط أو غيرها من التحولات المؤقتة التي لا تنهي علاقة انسانية بنيت بالدم أو بالعشرة أو المعرفة العميقة، ولذا هي تستحق أن نجبر أنفسنا على اعتياد مرورها عن طريق ألسنتنا من أجل أن يصل أثرها لمن نحب لأنها تطري المشاعر وتخلصها من شوائب كثيرة وقد تكون دافعاً لتحولات جميلة في حياة من نحب لأنهم يستحقون ذلك.