DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

القلب السليم

القلب السليم

القلب السليم
القلب السليم
بمجرد أن نفتح أجهزتنا الهاتفية في الصباح نجد عشرات الرسائل والتسجيلات كثير منها مكرر، وكثير منها يمرر تحت مفهوم (جاني وأرسلته) والقليل منها يقصد به الانتفاع والتفكر؛ بل إن هذا الانتفاع يعتمد على المتلقي واعتنائه بما يصله وكيف يفحصه حتى يرى صلاحية إرساله من عدمه. اليوم فتحت جهازي على تسجيل يتحدث عن القلب السليم انطلاقاً من قوله تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ويربط المتحدث سلامة القلب بذكر الله، أو الغفلة عنه، ويجعل شرحه لمعنى القلب السليم مرتبطا بمعنى القلب القاسي وأن القسوة مصدرها الغفلة وعلاجها التوبة وملازمة الاستغفار والذكر. كل هذا قول جميل وصحيح ولكنه ليس وحده المقصود في تلك الآية ولا يجب أن تتوقف الشروح والتعليقات والتسجيلات عند تلك المعاني فقط؛ لأنها معروفة وواضحة للجميع حتى وان أعرض عنها بعضنا! رغم كثرة الدعوة إليها في كل مكان وزمان، وبطرق مختلفة في المحاضرات وغيرها من وسائل التوعية والتوجيه،في القرآن قواعد وأسس للأخلاق لها تفاصيل كثيرة من شأنها أن تقيم المعوج، وترأب الصدع في المجتمعات الإسلاميةومنها الكتيبات والملصقات والتسجيلات التي غيبت تماماً التوقف عند الأخلاق التي إن صلحت صلحت أحوال الناس، وعولجت أمراض المجتمعات المزمن منها والمستجد. فمن القرآن أيضاً قوله تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) فأين محاولاتنا لإشاعة خلق رسول الله بين الناس الذي قالت عنه عائشة رضي الله عنها: «كان خلقه القرآن». وفي القرآن قواعد وأسس للأخلاق لها تفاصيل كثيرة من شأنها أن تقيم المعوج، وترأب الصدع في المجتمعات الإسلامية التي كادت تفصل كل الفصل بين الإسلام والإيمان من جانب، وبين العبادات والمعاملات من جانب آخر! وكانت النتيجة أن أعيانا انعدام التوازن بين هذا وذاك في حياتنا وعلاقاتنا وأعمالنا وما نقول وما نفعل، وسبب اضطرابات كثيرة وتناقضات أكبر حتى من اولئك الذين يتحدثون باسم الدين ويشرحونه ويحثون الناس على العمل به ويعدون من الموجهين والناصحين للناس ومع هذا لا يعطون للأخلاق حقها من العرض والترغيب.  إن القلب السليم ليس هو الذي تطهر من الشرك فقط، ولا هو الذي ظل عامراً بذكر الله واستغفاره فقط، إنه القلب الذي تمكنت فيه الأخلاق التي دعانا الله في كتابه إلى أحسنها ونهانا عن أقبحها وهي واضحة ظاهرة في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم) وهناك الآيات ٦٣-٧٦ من سورة الفرقان والآيات ١٥١-١٥٢ من سورة الأنعام وغيرها كثير، وهناك توجيهات أخلاقية كامنة في آيات أخرى كقوله تعالى (ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير)، وعليك أمام هذه الآية ومثيلاتها أن تتدبر المعاني ما ظهر منها وما بطن في أسلوب التعامل مع الحدث عند ماء مدين وما يترتب عليه من فهم لمن يتابع الحدث في حينه حول علاقة المرأة بالرجل وتفسيره غير ذلك من تفاصيل أخرى تحتاج لوقفة خاصة.