عندما أدقق في كثير من أنظمتنا التي يفترض أن تكون معينة على التنظيم، ووسيلة من وسائل الإنجاز؛ اكتشف أنها في كثير من الأحيان عبارة عن محطات للإعاقة أو التأجيل في أغلب الأحيان أو كما يقال (تعطل المراكب السايرة) ومن ذلك بعض أنظمتنا الجامعية، فهناك ثلاثة مجالس لابد أن يمر بها كل أمر له أهمية.
مجلس القسم ومجلس الكلية ومجلس الجامعة ورغم أهمية المجلس الأول وهو القسم إلا أن المجلس الأخير ،مجلس الجامعة، هو الذي يؤخذ بقراره وما على المجلسين الآخرين إلا الإذعان له، وكأن ما يقرره مجلس الجامعة نص مقدس.هل يمكن أن يعرف طبيب الأسنان أو الجهاز العصبي أهمية البحث في جزء من علم اللغة أو الصرف أو البلاغة والأدب والنقد؟ ما زلت منذ الفصل الدراسي الأول من العام الماضي حين عانيت وعايشت موقفهم المتعنت معي وأنا اسمع وأرى امتعاض زميلات كثيرات من قرارات ذلك المجلس وبخاصة أننا في كلية الآداب لا نجد تمثيلاً قوياً لنا في تخصصاتنا، والأسوأ لو كان من يمثلنا لا يحرص كل الحرص على اقناع الأطراف الأخرى بأهمية ما يطرح من قبلنا، ولا أدري ما السبب ولكني أرجح المحافظ على اصطناع مظهر الموضوعية من أجل أن يشهد لهم بالخير ,فهل يمكن أن يعرف طبيب الأسنان أو الجهاز العصبي أهمية البحث في جزء من علم اللغة أو الصرف أو البلاغة والأدب والنقد؟ لهذا جعلنا المجلس نعتاد على نظرته المتواضعة بأبحاثنا ونتج عن ذلك أنهم سنوا لأنفسهم قانوناً جديداً هو: أيها القادم من الآداب قدم خطة بحث واحد وخذ فصلاً دراسياً أو قدم بحثين لتأخذ فصلين دراسيين كإجازة للتفرغ العلمي!! ولا ترضيهم طريقة اشتر قطعة وخذ الثانية مجاناً؛ لأنهم كما يبدو يتعاملون بهذا المفهوم لغياب قدرة أغلبية الأعضاء على الحكم الفاحص لطبيعة البحث، ولهذا ترتب على هذا الأمر أن أصبحت الأبحاث مركزة جداً ومختصرة كورقة عمل ليتناسب الجهد فيها مع المدة الزمنية للفصل الواحد وهي٩٠ يوماً فقط ! يقابلها ١٨٠ يوماً تقريباً حتى تصل إليهم الخطة فالوقت الذي تمر به الخطة منذ أن يبدأ الباحث بإعداد الملف الخاص بها ثم مرورها على ٧ مكاتب إدارية ولجنة تلخص لهم كل ذلك لأن وقتهم الثمين لا يسمح بالإطلاع على التفاصيل!! كل هذا قبل أن تصل بين يدي المجلس الموقر.
ضعف المدة المقررة للبحث هي اجراءات روتينية بيروقراطية بالإمكان أن تختصر إلى مرحلتين فقط أو إحداهما. الأولى -الإكتفاء برأي مجلس القسم المعني والمصادقة عليه، والثانية - وهي أن يعرض الباحث خطته على أعضاء المجلس الجامعي مباشرة لأنه وحده القادر على الإيضاح والشرح وتكون الموافقة أو الرفض في حينها فقط. وبعد كل ذلك الانتظار يترك الباحث بلا أدنى حقوق مالية فهو في الإجازة لا تصرف له البدلات. ولا يمنح حقه الذي تنص عليه اللائحة إلا إذا قدم فاتورة عن كل ريال صرفه على البحث، وهذا يتطلب دورة في (البخل) حتى نتعلم كيف نحتفظ بفاتورة للورق وحبر الطابعات والورق والأقلام وتذاكر السفر والإقامة وفاتورة عن كل كتاب وكل اسطوانة مدمجة!! إن ما يحدث باختصار شديد هو إعاقة وبخس للحقوق وتضييع للأوقات والحقوق باسم النظام!!