من المتوقع أن تُعزز القنبلة السامة التي تسابق الزمن المخزنة في مناجم المعادن الأرضية النادرة الصينية المزدهرة، من الآمال بإنفاق ما يقارب 12 مليار دولار على مشاريع لاستخراج هذه المعادن خارج الصين، وهي أكبر منتج لهذه المعادن في العالم.
تدرس الصين الآن، كجزء من جهودها لتنظيف التلوث، وهي التي تسيطر على 90% من السوق العالمية للعناصر النادرة، فرض ضرائب وإدخال أنظمة جديدة على العناصر الأرضية النادرة في منتصف شهر حزيران (يونيو)، ويتوقع أن تؤدي إلى رفع أسعارها إلى مستويات أعلى.
ستزيد هذه الإجراءات من الضغوط الرامية لتخفيف قبضة الصين القوية على إنتاج العناصر الأرضية النادرة، وهي العناصر الـ17 المتشابهة كيميائياً والمستخدمة في منتجات تتراوح ما بين أجهزة الآي بود من أبل إلى سيارات الهايبرد الكهربائية المهجنة من تويوتا، وصواريخ كروز توماهوك التي تصنعها شركة ريثون.
قال شين هوانغ، وهو محلل في شؤون العناصر الأرضية النادرة في شركة بيكين أنتيك لتطوير المعلومات، وهي وحدة الأبحاث التابعة لرابطة صناعة المعادن غير الحديدية الصينية التابعة للدولة: «يمكن أن تُشجع الأسعار الأعلى لهذه المعادن على تطوير مشاريع لاستخراج المعادن الأرضية النادرة خارج الصين». وتوقع احتمال ارتفاع أسعارها بنسبة تزيد عن 20% بسبب هذه القوانين المختارة الجديدة.
تأتي هذه التغيرات المقترحة بعد أن أصدرت منظمة التجارة العالمية حكماً في شهر مارس بأن هذه الدولة الآسيوية انتهكت قوانين التجارة العالمية بفرضها قيود على الصادرات، مثل فرض حصص ورسوم جمركية على المعادن الأرضية النادرة. وقد انخفضت أسعار الأسهم العالمية للمعادن الأرضية النادرة بعد أن قلصت الصين من صادراتها لهذه المعادن ابتداءاً من عام 2010، وهي التي تستهلك حوالي 70% من الموارد العالمية لهذه المعادن.
قال كيفين شولتز، نائب رئيس شركة نورثيرن مينيرالز، المطورة لمشروع براونز رينج في استراليا: «إنهم (أي الصينيون) يشددون من الإجراءات المضادة للإنتاج غير القانوني، ويتملكهم قلق على البيئة، وهناك دول تحتاج العناصر الأرضية النادرة، ولا تريد هذه الدول على وجه الخصوص أن تكون خاضعة لمشاعر رد الجميل للصين على تزويدها لهذه المعادن. هذه فرصة يجب اقتناصها».
وحسب ما جاء في مقالة نشرتها صحيفة تشاينا ديلي في يوم 21 مايو، وهي الصحيفة الرسمية الناطقة باللغة الإنجليزية في البلاد، فإن الإجراءات الجديدة تتضمن قيمة ضريبية على المنتجين. وجاء في هذا المقال إنه من الضروري الحصول على شهادات الالتزام بالمعايير البيئية لأجل التصدير.
قال شين زانهينغ، نائب السكرتير العام في الرابطة الصينية لصناعة المعادن الأرضية النادرة إنه لم يكن على علم بالضرائب الجديدة المذكورة. كما لم ترد هيئة التطوير والإصلاح الوطنية الصينية على أسئلة وجهتها إليها بالفاكس وكالة بلومبيرج الإخبارية.
قالت لويزا مورينو في مؤسسة بروكر إيورو باسيفيك كندا الموجودة في تورونتو: إن الزبائن بدأت الآن بالعودة إلى السوق حيث أصبحت المخزونات قليلة، وهو الذي يعني أن الأسعار سترتفع. وقد حدث ذلك بالفعل لأكسيد النيودينيوم الذي ارتفعت أسعاره بنسبة 26% منذ سنة وحتى يوم 29 مايو، وذلك حسب الأسعار التي نشرتها شانغهاي ستيل هوم إنفورميشين. وأكسيد النيودينيوم هو معدن يستخدم في أجهزة تشكيل مغناطيسات موجودة في توربينات الرياح وسماعات الرأس.
وتشير حسابات أجرتها وكالة بلومبيرج اعتماداً على أرقام إيورو باسيفيك إلى أن 18 شركة على الأقل تبحث في البدء بإنتاج هذه المعادن خارج الصين في نهاية العقد الحالي، بتكاليف تطوير إجمالية تبلغ حوالي 12 مليار دولار.
كان الهدف الرئيسي من الحملة الصينية لإغلاق المناجم غير المنظمة التي بدأت منذ أربع سنوات، هو حصر إنتاج المعادن الأرضية النادرة.
يمكن لهذه المناجم أن تنتج غازات عادمة، منها غاز الفلورين القاتل، ومياه عادمة محملة بالمعادن الثقيلة المسببة للسرطان، مثل عنصر الكادميوم. وتعتبر مشاكل الصناعة جزءا من معاناتها من حملة صليبية خضراء أوسع في الصين، وهي التي شهدت في شهر أبريل تمرير أكبر تغيرات في قوانين حماية البيئية في 25 عاماً.
وتأكيداً لذلك، شهد أول من تحركوا (للاستثمار) خارج الصين صراعاً مع كل من شركة ليناس التي استثمرت مبلغ 930 مليون دولار في معمل لمعالجة المعادن الأرضية النادرة في ماليزيا، والشركة الأميركية موليكورب التي تمتلك منجماً في صحراء موهافي، وهي الشركات التي عانت من الأسعار الضعيفة والتأخير في تحقيق أهدافها في الإنتاج. كما أن الارتفاع في الصادرات الصينية سوف يؤذي أيضاً فرص نجاح المشاريع المخطط لها.
وقال دادلي كينغسنورث، المدير التنفيذي لشركة المعادن الصناعية الاسترالية إن الجهود التي تبذلها الأمة الصينية لوقف الإنتاج باستخدام الحامض الخام الذي يتسرب في جنوب الصين، والذي يمكن أن يسبب ضرراً للأراضي الزراعية، سيعني على الأرجح تنازل الصين عن دورها المسيطر على أسواق العالم في توريد المعادن الأرضية الثقيلة النادرة.
وقد حددت وزارة الدفاع الأميركية، في تقرير لها قدمته للكونجرس في شهر أكتوبر، معدنين اعتبرت تأمين موارد لهما أولوية لها، وهما اليتريوم المستخدم في إصابة الأهداف بالليزر والأسلحة والدايسبروسيوم المستخدم في صواريخ كروز توما هوك وطائرات الدرون البريديتور.
وإضافة لسعي الصين نحو التقليل من الأضرار البيئية، تهدف استراتيجيتها أيضاً إلى مواءمة الموارد مع الصناعات الإلكترونية المحلية وقد ذكرت شركة لايناس المقيمة في سيدني، في وثيقة لها نشرت يوم 16 مايو، أن الكلف أصبحت ترتفع بالنسبة للمنتجين الصينيين، بسبب تبنيهم معايير جديدة، وهي تساوي الآن الأثمان التي تدفعها لايناس.
قال جون مائير، المدير التنفيذي لشركة غرينلاند مينيرالز آند إينيرجي التي تسعى لإنتاج المعادن الأرضية النادرة، الزنك واليورانيوم في غرينلاند: «لا يرغب الصينيون في رؤية الأسعار وهي تتراجع بسرعة لأنهم يتوقعون أكبر زيادة في هيكل الكلفة». وأضاف قائلا: «سنشهد تنوعاً في المناجم على مستوى العالم».