DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

شهوة الإيذاء

شهوة الإيذاء

شهوة الإيذاء
شهوة الإيذاء
  يبدو أني لن أملّ من الكتابة عن الجفوة الكبيرة بين كثير من المسلمين والأخلاق، وأكثر ما يحثني على الكتابة عنها مرة بعد أخرى هو تلك القامات البارزة ممن حظوا بالقدر والمكانة الاجتماعية العالية وقوة التأثير، وظهرت سطوتهم على الناس المنقادة لهم ثقة بهم وبما يقولونه من حق ومن باطل. وهذا واضح في مواقع التواصل الاجتماعي التي كشفت لنا مدى رغبتهم العجيبة في التشفي بالآخرين والإيذاء بالقول العنيف، بسخرية غير مباشرة أو بالقدح والقذف المباشر بما يتعارض تماماً مع التربية الأخلاقية الدينية المتكررة في كثير من الآيات الكريمات أو الأحاديث النبوية. وهناك أيضاً أئمة المساجد ومعتلو المنابر في كل مكان وزمان، وهم من الذين يحتل وجودهم مساحة كبيرة في الأنشطة الاجتماعية والسياحية وغيرها، فنجدهم يتحدثون في كل أمر ويدخلون في أدق تفاصيله، فإذا جاء الأمر عند الأخلاق وتفاصيل الممنوعات فيها مروا سراعاً!! والنتيجة لكل هذا هي ما نراه اليوم من تفشي شهوة الإيذاء بين الناس على كل المستويات والفئات العمرية، فنحن نرى أحدهم يذكر الله كثيراً ويستخدم تقنية النسخ واللصق لكثير من التوجيهات الدينية بطريقة وعظية مباشرة وأوتوماتيكية شكلانية وما هي إلا دقائق معدودة تفصل بين ذلك وبين كيله السب والشتم بأقبح الألفاظ لمن يخالفه الرأي أو يرى منه أو فيه ما يجعل عقله الناقص يسيء إليه كلونه أو جنسيته أو حتى شكله الذي اختاره الله له! اليوم راجت وبقوة لغة الشهوة الإيذائية وصارت منتشرة كالنار في الهشيم بين الغالبية من الناس كبارهم وصغارهم حتى ضمن ما يسمونه مزاحاً! وعلى الرغم من أن الدين القويم فصل كثيراً في هذا الجانب وأشار إلى حرمة الإنسان والمكان وجاء النهي عن الإساءة بكل أنواعها في ذكر عام وآخر تفصيلي دقيق في القرآن والسنة، ومن أمثلة ذلك قول الله تعالى (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبينا)، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) ورد الإيذاء في الآية عاماً وورد الترويع عاماً أيضاً ليدخل في معناهما كل أنواع الإيذاء والترويع الذي لا يكون بالسلاح فقط ولكن بإلقاء التهم جزافاً وجرح المشاعر والكرامة ليس في حالات الغضب فقط التي قد يندم عليها الإنسان ويعتذر ويصلح الأمر؛ وإنما في كل الحالات الأخرى التي يمارس بعضهم فيها الإيذاء والترويع للتسلية وروح التشفي المقيتة عن طريق النكتة المريضة التي تضحكه ومن يوافقه على التصرف أو القول الأرعن! وهم لا يشعرون بأنهم يقترفون إثماً مبيناً في الإساءة لأنفسهم قبل الإساءة لغيرهم بما يكتسبونه من ذنوب.هل يعتقد أولئك الذين يمارسون الأذى في العالم الافتراضي بأنهم في حل من عقاب الله وكأن الاسم المستعار والتقنيات تجعلهم بمنأى عن العذاب والعقابفلماذا لا يكون من يحتذى بهم دعاة إلى هذا الخير الذي لا يلتفت إليه؛ وهو كف الأذى بكل أشكاله وكأنهم ينسون أنه عبادة من العبادات التي يهملها كثير وكثير جداً منا، فالمرء كما يثاب على الطاعات يثاب على كف الأذى. هل يعتقد أولئك الذين يمارسون الأذى في العالم الافتراضي بأنهم في حل من عقاب الله وكأن الاسم المستعار والتقنيات تجعلهم بمنأى عن العذاب والعقاب!! غريب فعلاً أن تصل الرغبة في الإيذاء لحد أن تكيل السب والشتم والدعوات المرعبة ضد شخص لا تعرفه ولا يعرفك لمجرد أنه كتب رأياً لا يعجبك في تويتر أو وضع صورة لا ترضيك في الانستغرام! ويبلغ الأذى أقصاه حين يمتد إلى الموتى وحين يتوهم بعضهم أنه يوزع مفاتيح الجنة والنار على الناس بطريقة لا تمت للطين بصلة. لا شك أن هذا الأمر أصبح ظاهرة يجب أن نقف ضدها ونرفضها ونحذر منها لأنها تزلزلنا كمجتمع وتسيء للإنسانية ظاهراً وباطناً، وهي جد خطيرة وبخاصة إذا كان من أشرتم لهم في البداية يروجون لها بتأكيدها أو بالامتناع عن رفضها.