عندما يفجر فيك مطرب أجنبي لم يتجاوز الثانية والعشرين من العمر كل الأحاسيس، ضد الظلم الذي يخيم على العالم لا تملك إلا أن تشعر بتعاظم الشعور بالخذلان، منك ومن العالم كله تجاه كل محتاج وفقير في هذا العالم، وتجاه كل من أكلت الحروب حياتهم الأموات منهم والأحياء، الذين يعانون كل أشكال الآلام الجسدية والروحية. وكم هو مؤلم أن تشاهد تلك الأغنية المعجونة بالحزن، في الوقت الذي يتعارك فيه الناس في الشوارع والبقالات من أجل صيام ساعات قليلة!!
المطرب البريطاني ديكلان جالبرايث قدم أغنية ?tell me why ليتساءل فيها عن حلم طفل ما بأطفال آخرين يغنون أغنية للحب، في عالم جميل بسماء زرقاء وحقول خضراء تكون الضحكة فيه هي اللغة المشتركة في العالم. ولكن المصيبة أن هذا مجرد حلم؛ فعندما استفاق منه وجد العالم من حوله في حالة من البؤس فيصرخ بسؤاله: قل لي لماذا؟ ويكرره بضع مرات محاولاً أن يجد إجابة تبعد حيرته؛ فيتساءل: لماذا لا نمد يد المساعدة عندما يحتاجنا الناس؟
كيف لتلك الكلمات البسيطة في الأغنية أن تعبر عن معان كما لم يعبر به خطيب من قبل على منابر السياسة والاقتصاد والفلسفات وماذا سأفعل لكي أكون رجلاً؟ هل علي أن أحارب لأثبت نفسي؟ ألهذا جعلت حياتي؟ وتتوالى الأسئلة المسكونة بالوجع العالمي الذي نراه حولنا في كل مكان فإن لم تكن هناك حرب، فهناك فقر، وإن لم يكن لا هذا ولا ذاك، فهناك تناحر وكره بغيض يتفشى بين الناس، وأعمال كثيرة نمارسها ضد بعضنا بعضاً؛ لنثبت فعلاً أن الإنسان كان ظلوماً جهولاً منذ البداية، كما جاء في الوصف القرآني له (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا)
وأي ظلم هذا الذي يرتكبه الإنسان في حق نفسه وحقوق غيره، وأي جهل هذا الذي نتعامل به ضد جمال الحياة وأهدافها بصناعة السلاح من أجل الدمار، وأنهار من الدم تسيل كل يوم ليحقق قلة قليلة من الناس مآرب خاصة بجهل منقطع النظير وكأنه سيخلد على هذه الأرض!! إن تلك الأمانة التي احتملها الإنسان هي الحياة بكل ما فيها من عبادات ومعاملات تبني ولا تهدم. فتبني الأفراد كلا على حدة، وتبني الجماعات في إطار من الأخلاق والعدل والعطاء لتنمو الحياة وتزهر بالتكاتف والإيثار والحب، لا بالقنابل والصواريخ والدبابات.
والغريب أنها لم تعرض عليه ومع هذا هو من تقدم لحمل تلك الأمانة من دون المخلوقات الأخرى، وهذا على اعتبار أن المقصود بالسماوات والارض هو أهلها من الملائكة والإنسان والحيوان.
ومن هنا بدأ الجهل ومن هنا بدأ الظلم. ومن يظلم نفسه لا عجب أن يظلم غيره.
كيف لتلك الكلمات البسيطة في الأغنية أن تعبر عن معان كما لم يعبر به خطيب من قبل على منابر السياسة والاقتصاد والفلسفات. ولكننا مع هذا لا نملك إلا نكرر: قل لي لماذا؟
لماذا لماذا تعرب النمور
لماذا لماذا نطلق النار
لماذا لماذا لا نتعلم أبدا