يحتاج اللاعبون إلى سنوات من أجل النضوج بشكل كامل وبدا أن يواكيم لوف مدرب المانيا وصل إلى مبتغاه أخيراً بعدما شاهد فريقه وهو يكتسح البرازيل صاحبة الضيافة 7-1 في قبل نهائي كأس العالم لكرة القدم أمس الأول . وفي يوم صادم لأسرة كرة القدم العالمية نجح لوف الذي يتولى مسؤولية المنتخب منذ 2006 في إيجاد المزيج المناسب ليقدم دون شك أفضل فريق لالمانيا منذ عقود طويلة. ووصل لوف الى قبل النهائي على الأقل في أربع بطولات كبرى قاد فيها الفريق لكنه بدا دائما انه يفتقر لمكون صغير قادر على انهاء انتظار المانيا للألقاب بعد غياب 18 عاما. وأمس الاول قدمت المانيا كامل قدراتها والدليل الواضح على نضج تشيكلتها الشابة التي وصلت الى قبل نهائي 2010 في جنوب افريقيا. وقال ماتس هوملز قلب دفاع المانيا: "ما حققناه وما يمكننا ان نفعله هو شيء مميز. بالطبع سنقدم كل شيء في استطاعتنا لتحقيق حلمنا الكبير." وحطمت المانيا مقاومة البرازيل تماما في الشوط الأول بعدما سجلت أربعة أهداف في ست دقائق وهو ما تسبب في صدمة بالغة للآلاف من الجماهير البرازيل بمدرجات استاد مينيراو. كما شعر الملايين من الشعب البرازيلي في كافة أرجاء البلاد بصدمة بالغة بعد يوم سيظل عالقا في الذاكرة لفترة طويلة. وضمت التشكيلة الأساسية لالمانيا سبعة لاعبين من الفريق الذي خسر 1-صفر أمام اسبانيا في قبل نهائي 2010 كما جلس اثنان آخران على مقاعد البدلاء . وفي 2010 شاركت المانيا بأصغر فريق لها سنا في كأس العالم خلال 76 عاما وأمس الاول قدم هذا المنتخب واحدا من أفضل عروضه على الاطلاق. واستعاد باستيان شفاينشتايجر وسامي خضيرة شراكتهما الرائعة في جنوب افريقيا بمركز خط الوسط المدافع وتعاون الاثنان معا بسلاسة بفضل خبراتهما التي زادت على مدار أربع سنوات. واذا أراد شفاينشتايجر الذي سيبلغ 30 عاما الشهر القادم مباراة يثبت فيها انه عاد الى أفضل مستوياته وخاصة بعد الانتقادات التي نالها ببطولة اوروبا 2012 فإنه لن يجد أفضل من لقاء البرازيل لهذا الغرض.
وأصيب خضيرة بقطع في الرباط الصليبي للركبة خلال نوفمبر الماضي وحامت شكوك حول لحاقه بالبطولة لكن لوف أصر على انه اللاعب الوحيد في الفريق الذي يمثل قيمة حتى في حالة عدم اكتمال لياقته.
وأثبت خضيرة (27 عاما) صحة كلام مدربه وساهم في صنع الهدف الرابع بتمريرة الى تونس كروس قبل ان يحرز الهدف الخامس بنفسه.
وكان لوف يطالب دائما لاعبي الوسط بالحماس الهجومي وكان له ما أراد طوال 90 دقيقة أمام البرازيل. ولعب فيليب لام قائد المنتخب مرة أخرى في مركزه المفضل كظهير أيمن مثلما فعل أمام فرنسا في دور الثمانية للحد من خطورة هالك جناح البرازيل بعدما حاول لوف تجربته عدة مرات في خط الوسط. وتوج الظهير الأيسر بنيديكت هوفيديس أفضل أداء له بإبطال مفعول برنارد بديل نيمار في منتخب البرازيل. وأوضح لوف انه تعلم من أخطائه وبدا ان مغامرة لام (30 عاما) القصيرة في خط الوسط أصبحت من الماضي الآن وخاصة بعد الأداء المتواضع للاعب في هذا المركز بوقت سابق من البطولة. ووصل هوملز وجيروم بواتنج زميله في قلب لدفاع لأفضل مستوياتهما في الوقت المناسب بعد العديد من المحاولات لإيجاد الثنائي المناسب في هذا المركز خلال آخر أربع سنوات. كما استعان لوف (54 عاما) بمهاجمه الوحيد في الوقت المناسب بعدما رفع ميروسلاف كلوزه رصيده الى 16 هدفا لينفرد بصدارة قائمة هدافي كأس العالم عبر تاريخ النهائيات رغم انه جلس على مقاعد البدلاء أغلب فترات البطولة الحالية. ومع مساندة الثلاثي الهجومي المكون من توماس مولر ومسعود اوزيل وتوني كروس استمرت الموجات الهجومية الالمانية على دفاع البرازيل الذي افتقد بشدة جهود قائده تياجو سيلفا بسبب الايقاف. وبفضل سرعة انطلاقات الثلاثي ومواهبهم التهديفية بدا ان دفاع البرازيل لا يمكنه التعامل مع هذا السيل من الهجمات. وأرسل كروس التمريرة التي افتتح منها مولر التسجيل لالمانيا ثم أضاف هدفين بنفسه بعد عرض مذهل في الشوط الأول قد يفتح أمامه المجال للرحيل عن بايرن ميوينخ الالماني. وتصدى مانويل نوير حارس المانيا لضغط قوي من البرازيل في بداية الشوط الثاني وأبعد ثلاث محاولات خطيرة ليقضي تماما على أي بصيص من الأمل لأصحاب الأرض. وجاءت تبديلات لوف لتوضح تفوق مدرب المانيا تماما في الناحية الخططية بعدما أضاف اندريه شورله هدفين متتاليتين كما قدم بير مرتساكر عرضا قويا في الدفاع بعد نزوله بين الشوطين. وجاء هذا العرض الهجومي الرائع ليعيد تذكير الجماهير بجمال كرة القدم بعد الخطط السلبية التي استعان بها لويز فيليبي سكولاري مدرب البرازيل في البطولة الحالية.